فيستوجبوا به العذاب بالتكبر، وجعل الرسول من الجنس لتوفر السكون إليه، ويسهل الأخذ عنه، فلو كان الرسول من غير الجنس لاشتد النفور وصار ذلك سببًا للتباعد عنه وله الحمد بها على كل نعمة كما يستحقه.
ومما خص هذه الأمة به من نعمه أن جعلهم أمة وسطًا ليكونوا شهداء على الناس، فقال:{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}. وذلك لأنه جعلهم أمة خير الأنبياء وأفضل الرسل صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. وجعل شريعته آخر الشرائع تنسخ كثيرًا مما تقدمها ولا يأتي بعدها ما ينسخها، ووضع عنه الامار والأغلال التي كانت على المتقدمين، وبناها على السهولة والسماحة، ووعدهم على لسان نبيه صلوات الله عليه أن يكونوا أكثر أهل الجنة، هذا مع حقه بحملهم وقصور أمدهم، فإن قال:(بعث والساعة كهاتين، وضم أصبعيه السبابة والوسطى). إن كادت الساعة لتتيقن، وذلك مثل ضربة لقربها، ودلالة على أن مبعثه من أشراطها إذا كان نبي آخر الزمان كما تقدم به من الله البيان. لكن الله تعالى ضاعف لهم أجور أعمالهم كرامة لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال فيما يروى عنه:(إنما مثلكم فيمن مضى قبلكم كرجل استأجر أجيرًا فعمل له من أول النهار إلى الظهر بقيراط، فأولئك اليهود. ثم استأجر أجيرًا فعمل من الظهر إلى العصر بقيراط، فأولئك النصارى. ثم استأجر أجيرًا فعمل له من العصر إلى آخر النهار بقيراطين فأولئك المسلمون. فغضب الأولان وقالا: نحن أكثر عملًا وأقل أجرًا. فقال: هل منعتكم من أجوركم شيئًا، قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء).
ثم إنه عز وجل ضمن لهذه الأمة حفظ القرآن، فقال:{إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون}. ولم يضمن مثل ذلك للأولين في الكتب التي أنزلها عليهم لأنه قال:{بما استحفظوا من كتاب الله}. فأخبر أنهم استحفظوه ولم يخبر بأنه ضمن لهم حفظه