وقال في ذم المنافقين:} ويحلفون على الكذب وهم يعلمون {أي أنهم يكذبون ومع ذلك يحلفون على كذبهم، فيكونون جامعين بين شيئين، ثم توعدهم فقال:} أعد الله لهم عذابا شديدا، إنهم ساء ما كانوا يعملون {. فيؤيد هذا ما حكاه عز وجل عنهم في سورة براءة، فقال:} يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر {إلى قوله} بما أخلفوا الله ما وعدوه ربما كانوا يكذبون {. فجعل الكذب من أوصافهم إذا كانوا منافقين، وأخبر أنهم أعقبهم النفاق في قلوبهم بما كانوا يترخصون فيه من الكذب، فذلك على غليظ من الكذب ومجانيته الإيمان.
وقال عز وجل في الكذب:} فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه {. يحتمل أن يكون المراد بالكذب على الله أن يقول لكلامه ووحيه أنه ليس من عنده، أو يدعي شريك أو يجحده أصلا، وبالتكذيب بالصدق تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به مما هو صادق في أن الله تعالى أرسله به، وأنزله عليه، ثم قال عز وجل:} والذي جاء بالصدق، وصدق به أولئك هم المتقون {. فمدح الصادق عليه، والمصدق بما جاء من عنده، وذم الكاذب عليه والمكذب بما جاء من عنده، فكان كل محق في خبره، وكل مبطل في خبره في استحقاق المدح أو الذم كما مدحه الله تعالى أو ذمه، قال:} ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب، هذا حلال وهذا حرام، لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم {. وقال:} قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا، قل الله أذن لكم أم على الله تفترون، وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة {. أي ما الذي يظنون أن يكون لهم يوم القيامة، أي يظنون إن هم لا يسألون عنه ولا يؤاخذون به، أي ليس الأمر كما يظنون، عن كان هذا ظنهم. وقال:} ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين {. أي لأهلكناه واستأصلناه.