للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}. وأخبروا أن الأحياء الذين شربوا قبل التحريم والذي سبق موتهم نزول التحريم سواء في سقوط التبعة عنهم في ذلك. فكذلك أخبروا بقوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} أن الأحياء من المصلين إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة والأموات سواء، في صلواتهم محتبسة.

وقد يجوز أن يكون السائلون عن هذا قوما سوى فقهاء الصحابة، فكان لا يحضرهم عند هذا السؤال قول الله عز وجل: {إني لا أضيع عمل عامل منكم} ولأن العمل إذا أدى بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم يبطل على عامله وإن لحقه بعد ذلك نهي عنه وتبديل له. هذا وقد كان الزمان زمان الشرع، وقد كان يمكن أن ينوبهم فقهاؤهم إن كانوا هم السائلين.

إن العمل إذا نسخ بطل ووجبت إعادته على منهاجه المستأنف دون ما مضى، فإن هذا مما كان يجوز أن يشرع ثم كان يكون، فنزل الله عز وجل: {إني لا أضيع عمل عامل منكم} محمولا على العمل إذا أسلم. وتكون إحدى شرائطه سلامته، أن لا يلحقه نسخ ولا تبديل. وإذا كان هذا جائزا ومتوهما مظنونا، لم ينكر أن يصير سببا للسؤال عن الصلوات المقدمة، فجابوا عنها بما أجيبوا به، ولم يجز أن يتسرع إلى إنكار رواية لا تعدلها في الشهرة والاستقاصة رواية، وما خلا منها كتاب مفسر ولا أحد تكلم في معاني القرآن، والله أعلم.

قال الرجل: تأويل الآية عندنا خرج على وجهين:

أحدهما: أن تكون الصلاة مضمرة عند الإيمان كأنه قال: وما كان الله ليضيع إيمانكم بالصلاة إلى بيت المقدس، وإنما سألوا عن الصلاة نفسها. فدل ذلك على أنها في الإيمان المذكور في الآية. ألا ترى أنه لما نزل تحريم الخمر لم يسألوا عن إيمان من شربها مستحلا لها، وإنما سألوا عن الشرب نفسه.

ويقال له: إن كانت الصلاة سميت إيمانا لأنه سببها، فهو سبب كل طاعة فليسم إيمانا، وهذا مما ذكرنا من نقصه في بعض الأوقات على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>