للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يهدي من هو مسرف كذاب {. وقال:} إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله، وأولئك هم الكاذبون {. وقال:} إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم، ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون {. إلى غير ذلك من الآيات التي دل بها على قبح الكذب وسقاطة أصله. فثبت بذلك أنه ليس من أخلاق المؤمنين، وأنه من أول ما ينبذه المسلم عنه، ويحمي عرضه أن يثلم به والله أعلم.

ومما يناسب هذا البااب ويلتحق بجملته شغل الزمان بقراءة كتاب الأعاجم، والركون إليها، والتكثر بحفظها، والتحدث بما فيها، والمذاكرة عند الاجتماع بها، قال الله تعالى:} ومن الناس من يشتري لهو الحديث، ليضل عن سبيل الله بغير علم {فقيل: نزلت في النصر بن الحارث كان اشترى كتبا فيها أخبار الأعاجم، فكان يقول للعرب: محمد يحدثكم عن عاد وثمود، وأنا أحدثكم عن فارس والروم. فالتحدث بأخبار الأعاجم ومدحهم والاحتجاج بسيرهم، وشغل الزمان بحفظها، وإنفاق المال في نسخها مكروه مذموم، لأنهم قوم رفع ككتابهم فلما بقوا بلا كتاب، وكان الملك فيهم، واحتاجوا إلى ما يسوسون له الناس، أحدثوا أشياء سموها أنسابا ورسوما. وكانت الرعايا لهم بها خوفا من سطواتهم، فصارت منزلة مضاهاتهم بها كتاب لله عز وجل منزلة مضاهاة المؤمنين بشركهم، وتوحيد الموحدين، وعبادة المؤمنين. فلا ينبغي لشيء منها أن ينزل منزلة ما يقرأ أو يسمع أو يعتد به، أو يستنسخ أو يشترى، وذلك من أشد ما يكره في الدين. وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى خلافهم فقد روي أنه قال:) لا

تقوموا على رأسي كما تقوم الأعاجم على رؤوس أكاسرتها (فبان أن الشبه بهم خلاف الإسلام.

ورأى في بعض المغازي في يد رجل قوما فارسية، فقال: (ألقها، وعليكم بهذه وأشباهها وأشار إلى قوس عربية كانت في يده- ورمح القنا، فإن الله بها يؤيدكم في الدين ويمكن لكم في البلاد). وقيل أنه نهى عن الأكل والشرب في آنية الذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>