والفضة، لأن ذلك كان من فعل الأعاجم. فبان أن الأصل في الباب خلافهم لأشياء نص على مثل ما كانوا عليه.
فإن قال قائل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولدت في قصر الملك العادل- يعني أن شروان- فقد وصفه بالعدل).
قيل: حاشا لله ولرسوله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك. فإن هذا ليس ما يعتمد من الحديث، ولو كان قاله لكان إطلاقه ذلك لتعريفه بالاسم الذي كان يدعى به لا لوصفه بالعدل والشهادة له به، فإن الفرس كانوا يسمون أنو شروان الملك العادل، أي في زمان ما كان عندهم ملكا، وقد قال الله عز وجل:} فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون {. أي كانوا يسمونها آلهة، أي آلهتهم فيما عندهم. وقال:(وقال الملك) أي قال: من كان عندهم الملك. ولئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولدت في زمن الملك العادل) فعل هذا المعنى، إذ لا يجوز أن يسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير حكم الله تعالى عدلا، ولم تكن الفرس تدعي أن سيرة ملوكها وحي من الله تعالى، من المشهور الذي لا تخفى تسميتهم إياها أبنية ورسوما وأوضاعا. وذلك يدل على أنهم لم يكونوا يصفونها إلى الله عز وجل. وكيف يجوز أن يسميها رسول الله صلى الله عليه وسلم عدلا؟ هذا وما حفظت لهم أحكام ولا عرفت ولا إدعاها أحدهم، وإنما كانوا ينظرون في ظلامات الناس بحسب ما يقع لهم أنه أرفق وأحسم وألسن، ولم يكن يقع لهم في الظلامات في الأمور الشرعية، بأن العقود المباحة كلها شرعية، فإذا لم يعرفوها لم يتعاملوا بها، وإذا لم يتعاملوا به لم يتظالموا فيها. وكذلك الأفعال فما فيها محظور، وإنما يقع التظالم فيها من الذين يعتقدون حدودها التي هي لها في الشريعة، فإذا جاء الذهاب عنه فلا تظالم فيها، فإذا كان ذلك كذلك لم يجز أن يكون من ملكهم ما يكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدلا فيصفه به ويبني عليه لأجله إلا أن يقول: كان يظالمهم بحسب الأوضاع التي كانت لهم كما أن تظالم المسلمين بحسب الأوضاع الشرعية التي لهم، فيكون هذا نفس ما قلنا من أن تظالمهم لم يكن