وكذلك المرأة تباشر المرأة وتلذذ بها حرام ذلك عليها. وقد جاء في الحديث:(من أشراط الساعة أن يستغني الرجال بالرجال والنساء بالنساء). فجعلا بمنزلة واحدة. وفيما يقال: إن في زبور داود عليه السلام: ليس الفسق كله بفسق، وإن كان صاحبه عندي ملعونا. ولكن من أمكن من نفسه الرجال من الرجال، والنساء من النساء، فإن ذلك ما يهتز به عرشي، ويثقل علي حملته، فأقول: اصبر، فإني أنا الحليم الذي لا أعجل). وقد خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، يجعل كل واحد منهما موضع مستمتع للآخر على الشرائط التي شرطها في كتابه، وعلى لسانه رسوله صلى الله عليه وسلم. وما خرج عن ذلك مما يؤدي إلى إضاعة الماء الذي يكون منه الولد فهو حرام لخروجه عن الحد الذي وضعه الله تعالى لقضاء الشهوة، ومخالفته الغرض الذي لأجله يركب الله الشهوة في الرجال والنساء. فإنه إنما ركبها ليكون قضاؤها سببا لدوام النسل. فمن قضاها من الرجال بالرجال، ومن النساء بالنساء، فقد خالف بها سبيلها، وأضاع الماء الذي يكون منه فهو منه حرام، وضع موضع لا يمكن أن يكون منه نسل.
وذلك فيه إسقاط الجنين، والحيلولة بينه وبين أن ينشأ وينمو فيخرج، وكذلك لمن ابتغى ولدا من حرام فلا ولد له، لأنه لا يثبت بينه وبينه شيء من أحكام الولاية، وهو مضيع لما به، مستوجب بوضعه فيمن لا تحل له العقوبة، وإذا كان ابتغاؤه من حلال محتسبا كان مأجورا، ووجه الاحتساب فيه أن يريد مباشرة أهله أو جاريته طلب ولد، فعل الله تعالى إذا رزقه بلغه ووفقه وعلمه، فكان من عباده وموحديه، ومقدسيه في أرضه، والداعين إلى دينه، والمجاهدين في سبيله والمكثرين من أمة نبيه صلى الله عليه وسلم. وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة). وأنه قال:(سوداء ولود خير من حسناء عقيم). وأن رجلا استشاره فيها مرتين أو ثلاثا كان ذلك يقول: لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لامرأة سوداء تلد أحب إلي من امرأة حسناء لا تلد. أما علمتم أني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط إنه ليؤتي به يوم