لم يردع السراق، بطلت فائدة البيوت، والأكناف على الناس، وضاعت الأموال فصارت كلها تعرض للأخذ، فشرع الله تعالى عليهم الحد ودعا لهم على فعلهم، وأبقى على الملاك في أموالهم. والغصب ليس فيه إلا أخذ المال، والأغلب أنه يمكن استرجاعه بالسلطان، أو الحاكم أو بعين المغصوب عليه، ففارق ذلك المأخوذ سرقة أو محاربة. لأن الأغلب أن السارق والمحارب لا يلحقان ولا يمكن استرجاع المال منهما بسلطان ولا حاكم، فسلك به مسلك الخيانة ودرئ القطع عن فاعله، والله أعلم.
فصل
وإذا غصب الرجل من رجل مالا، فعليه رده. فإن مات، فقيمته أكثر مما كانت قيمته من يوم غصب إلى أن مات، وسواء خاصمه المغصوب أو لم يخاصمه إلى أن يبرئه، فتسقط تبعته عنه.
وإن غصبه ماشية فأنجبت أو جارية فولدت، فعليه رد الأصل وما تفرع عنه، وأيهما هلك في يده ضمن له قيمته، سواء طالب به مالكه أو لم يطالبه وهو ضامن المنع لأن مال المغصوب، وحق إمساك المال لمالكه ما لم يطلب نفسا عنه. كما أن حق التصرف فيه له، ما لم يأذن لغيره. وليس السكوت عن المطالبة إذنا له في الإمساك، كما ليس السكوت عن المتصرف في ماله بغير إذنه رضى منه بتصرفه. وإن وقع مال رجل في يد آخر لا بإرادته فاجترئ عليه وذلك أن تدخل دابة رجل اصطبل رجل، أو عند رجل دار رجل أواه، خرج من سطح رجل عن شيء، عن ماله، فهوى في دار رجل أو تهب ريح فيلقي ثوب رجل في حجر رجل، فيحتوي من صار إليه المال من بعض الوجوه التي ذكرتها على المال. فإن كان يعلم صاحبه ففرض عليه أن يعلمه حال ماله، فيرى فيه رأيه من إقرار أو نقل، فإن لم يعلم صاحبه كان عنده على حكم الأمانة إلى أن يعلم. وإذا وجد لقيطة فأراد أخذها فلا يحل له أن يأخذها لنفسه ولا يسعه أن يأخذها إلا لربها، ولكن يحفظها ويعرفها، فإذا ظهر صاحبها ردها. وينبغي له إذا أخذها أن يشهد عليها، ثم يقوم على تعريفها هو، لا حيث وجدها، وفي السوق والمسجد وحيث يرجو أن يكون