للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم. وما قلنا فيه من دواب البحر أنه حلال فذكيه وميته سواء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الحل ميتتان). والله أعلم وبالله التوفيق.

وكل طعام حلال، فلا ينبغي لأحد أن يأكل منه ما يثقل بدنه فيخرجه إلى النوم وغيبه من العبادة. وليأكل قدر ما يسكن جوعه، وليكن غرضه بالأكل أن يستقل بالعبادة ويقوى عليها.

في ذم كثرة الأكل:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يأكل من معي واحد، والكافر يأكل من سبعة أمعاء). قال أبو عبيد: (لا أعلم للحديث وجها إلا ما روي أن رجلا كان كثير الأكل قبل أن يسلم، فلما أسلم نقص من ذلك. فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا القول. وإن كثيرا من الكفار من يقل أكله، ومن المسلمين من يكثر أكله).

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأكل الصاع من التمر، فأي المؤمنين كان له إيما كإيمان عمر. وهذا من أبي عبيد ليس بنظر شاف لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا القول لرجل واحد، وإن كان، إنما قال حين وصف له رجل بعينه. فمعناه. أن الذي يليق بالكافر يكثر أكله، وبالمؤمن أن يبرر أكله، لأن الكافر لا يقصد إلا تسكين لمجاعة وقضاء الشهوة، والمؤمن يدع البعض لأنه حرام، ويدع البعض إيثارا به على نفسه، ويدع التملي لئلا يثقل فيقطع من العبادة ويدع البعض لفرط ما فيه من النعمة، خيفة أن لا يستطيع القيام بشكره. ويدع البعض رياضة كنفسه وقمعا لشهوته حتى لا يستغني عليه، ويدع البعض لئلا يعتاده، فإن لم يجده في وقت اشتد عليه ذلك، أو وجد من ذلك في نفسه، والكافر ليس به إلا ملء بطنه. لأن هذه الوجوه كلها مما تبعث على النظر من قبلها للإيمان والتقوى، فهو لا يترك لأجلها شيئا، وإنما إقامة شهوته دون ما عداها.

ومعنى قوله: (يأكل في سبعة أمعاء) يأكل أكل من له سبعة أمعاء، والمؤمن

<<  <  ج: ص:  >  >>