يحق له أكله، يأكل أكل من ليس له إلاا معي واحد، فيشارك الكافر بجزء من أجزاء أكل الكافر، ويزيد الكافر عليه بستة أمثاله، والمعنى في هذا الحديث هو المعدة والله أعلم.
وقال لقمان لابنه: يا بني لا تأكل سبعا فوق سبع، فإنك إن تنبذه للكلب خير من أن تأكله. وسأل سمرة بن جندب رضي الله عنه- عن أبيه: ما فعل؟ قالوا: بشم البارحة. قال: تبشم؟ قالوا: نعم قال: أما أنه لو مات ما صليت عليه، ولا بد من أكل اللحم، فإن عمر رضي الله عنه كان يقول، إياكم واللحم، فإن لها ضراوة الخمر.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن اللحم سرف كسرف الخمر، فلا يؤمن أن يتعدى النزوع عنه، وفي إدمانه من الضرر وقسوة القلب وغلظ الطبع والصخب والخصومة وغلبة الشهور. لأن الشجاعة والسلطنة من طباع الآدميين. فإذا اعتذوا اللحم قويت هممهم، فصاروا كالسباع وأخلاق السباع ما وصفته. وكذلك ضربت السباع العادية دوابها وطائرها، وذلك لئلا يتغير طباع العباد لحومها، فتصير كطباع السباع.
فإن من الموجود فيما بين الناس أن الولد كما يشبه أمه، فكذلك يشبه في الأخلاق مرضعته وذلك لما بد يغتذيه بدنه وروحه من لبنها، فيمتزج بلحمه وبدنه، ثم إن ما يحدث من هذا من اغتذاء لحوم السباع أقوى أو أغلب فحرمت، وما يحرم من اغتذاء سائر اللحوم، فإنه يكون أضعف. فلم يحرم لحاجة الأبدان إليها في أن تبقى قوته. وصلابة أعضائها. ولكن الإدمان يخشى منه ما وصفت، فكان توفيه أولى وأحسن، والله أعلم.
وأما إذا كان الرجل قد أتى أمرا وعملا يلحقه منه كد وجهد، فإن أدمن اللحم ليتقوى به لم يكره ذلك. وروى أن ابن عمر رضي الله عنهما، كان إذا سافر أدام اللحم وإذا جاء رمضان أدام اللحم، ثم يأتي عليه لا يأكله. وجاء أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من أصحابه اجتنبوا اللحم والنساء، وأوعد في ذلك وعيدا شديدا، وقال:(إني لم أبعث بالرهبانية، إن خير دين الله الحنفية أن أهل الكتاب شددوا فشدد الله عليهم، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا واعتمروا، واستقيموا يستقم لكم).