وكان عمر بن عبد العزيز يأكل يوما خبزا بزيت، ويوما لحما، ويوما بعدس، والعدس بالزيت طعام الصالحين، ولو لم يكن فيه فضيلة، إلا أن صيانة إبراهيم عليه السلام في قريته لا يخلو منه، لكان في ذلك كفاية. وهو مما يخفف البدن فتخف به العبادة، ولا تثور منه الشهوات كما تثور من اللحم، ومن الحنطة من جملة الحبوب، والشعير قريب منه، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشبع أهله من خبز بر ثلاثة أيام متتابعة منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل.
وأما أعضاء الحيوان، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أطيب اللحم لحم الظهر) وهذا مما لا خلاف فيه. وروي أنه كان يحب الكتف.
وروى أن شاة ذبحت في بيت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أطعمن من شاتكم. فقالت: ما بقيت عندنا إلا الرقبة. وإني لأستحي أن أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرقبة. فرجع الرسول، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:(ارجع إليها، فقل: ارسلي بها، فإنها هادية الشاة وأقربها إلى الخير، وأبعدها من الأذى). وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره من الشاة سبعا: الدم والذكر والانثيين والحشاء والمرارة والمثانة والمعدة. وروى في حديث آخر أنه كان يكره الكلية، وهي والمثانة متقاربان، لأن كل واحدة منهم يجري مجرى البول، إلا أن له من اللبث في المثانة ما لا يكون له في الكلية. فقد يحتمل أن يقال أن المثانة إن كانت تشربت على الأيام من البول ما أفسد طعمها وريحها لم تؤكل، كالجلالة إذا كان ما تأكله من القذر قد غير طعم لحمها أو ريحها لا تؤكل. والمرارة، الأغلب أن ما فيها قد خبث طعمها ولعلها أن تكون ضارة فلا تؤكل. والذكر والانثييان والحشاء والمعدة مستقذرات. وأما الدم فإن الله عز وجل لما ذمه قال:} أو دما مسفوحا {فقيل: أن كل دم ينصب بالذبح ويسيل فهو حرام. وأما ما يبقى من الدم اليسير في بعض العروق الدقيقة خلال اللحم فلا يخرج، فهو عفو. وفيه