لك الحمد، أنت أكسوتنيه، اسلك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له). وروى قال: كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدهم على أخيه ثوبا قال: سل، ويخلف بالله، ولا ينبغي لأحد أن يلبس شهرة من الثياب. قال زيد الشامي: كان يكره الشهر بين الملبوسين. المرتفع والمنخفض. وقال عطاء بن أبي رباح: أن الله يحب العبد فيلبس الثوب المشهور فلا ينظر إليه حتى يضعه.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها لبست درعا جديدا فجعلت تنظر إليه، فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: أما تظنين أن الله تعالى يراك. ووجه الكراهية في هذاا- والله أعلم- أنه يلبس الرجل المشهور ليأتي غيره مشابه إذا نظر الناس إليه لم يروا أحدا يشبهه في كسوته، وامتدت الأبصار كلها إليه، وعرفه لذلك من لم يكن يعرفه قبله، فإذا لقيه نظر إليه من نفسه فاستشعر من ذلك خيلاء وفخرا على من ليس في مثل حاله. فأما من وسع الله عليه ووفقه لأن يوسع مما عنده من المحاريج، فلبس المشهور ليرى أثر نعمة الله عليه، لأن الغرض سوى ذلك وسعي فيه إلى طاعة الله، وجوب أن لا يكون في ذلك بأس والله أعلم.
فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا سيء الهيئة فقال:(لك مال؟ قال: نعم من أنواع المال، قال: فلير عليك فإن الله تعالى يجب أن يرى أثر نعمته على عبده حسنا، ولا يحب الوسواس والوساوس) وفي الجملة فإن الصحابة كانوا متفاوتين، فمنهم من يلبس فيحسن، ومنهم من لا يلبس وقال بكر بن عبد الله المزني. كان الذين يلبسون لا يطعنون في الذين لا يلبسون. والذين لا يلبسون لا يطعنون على الذين يلبسون.
وأما الوسخ في الثياب ليس مما يتقرب به إلى الله تعالى. وقال جابر رضي الله عنه: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا، فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره، فقال:(ما كان هذا يحد ما يسكن به رأسه) ورأى رجلا عليه ثوب وسخ، فقال:(أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه).