للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والسواد) وأنه أتى بأبي قحافة وكان رأسه ولحيته غمامة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا وجنبوا السواد). وسئل عطاء بن أبي رياح عن الوسمه، فقال: هو ما أحدث الناس. ورأيت نفرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما رأيت منهم من يصبغ بالوسمة، كانوا يخضبون بالحناء والكتم.

فإن سئل سائل فقال: إذا كان نور المؤمن، فلم استحب تغيير، ولم لا كان الخضاب مكروها كما يروي عن سعيد ين جبير أنه قال: يعمد أحدهم إلى نور جعله الله في وجهه فيطفئه- يعني بالخضاب.

فالجواب: أن ما جاء في تغيير الشيب، فليس يظهر أن يكون فيه غرض أكثر من الإظهار لليهود والنصارى في ديننا قبيحة، وأنه ليس علينا من الأغلال والإظهار ما كانت عليهم. وأنه إن كان في الناس من يكره الشيب، وإن لم يكن في وسعه دفعه، فقد جعل له تغييره. لئلا يرى في وجهه ما يكرهه. فأما السواد فيشبه أن يكون مطلقا للنساء أن يخضبن به لأجل أزواجهن. فأما الرجال فلا، لأن غرض المرأة أن تتصنع لبعلها وتريه رأسها إن لم يشب، وإنما هو كما كان، والرجال لا يخضبون لهذا وإنما يخضبون لئلا تقع أبصارهم من البياض على ما لا يحبونه، ولهم في غير السواد مندوحة عن السواد، الذي هو من حاجة النساء. وكان الأولى أنهم أن لا يتشبهوا بهن فيه والله أعلم.

وقد روى أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن تسويد الشعر، فقالت: لوددت لو أن عندي شيئا أسود به شعري. وهذا لأنها كانت محبوسة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن تحل لأحد بعده وكانت لعامة المؤمنين أما، فلم يكن يقع ذلك منه موقع الشرف إلى أحد والله أعلم.

وأما الأخذ من اللحية، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (حفوا الشوارب واعفوا اللحى) وهو ما جاء عن الصحابة في ذلك، فروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه يقبض على لحيته، فما فضل عن كفه أمر بأخذه. وكان الذي يحلق رأسه يفعل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>