قيل: إن كان لا يصح منه العزم على ترك العود فهو غير محتاج إلى هذا العزم لأن هذا العزم محتاج إليه لئلا يكون منه الفعل، فإذا وقع العجز عن الفعل فقد استغنى عن العزم، وكان الندم وحده التوبة.
فإن قال: ينبغي أن يكون عنده الفعل منه لتركه إياه مختارًا فيكون بذلك معتدًا.
قيل له: أرأيت إن كان قادرًا على الفعل فندم على ما سلف منه وعزم على أن يعود، إلا أنه حدث له العجز متمكنًا، أيكون عدم الفعل منه طاعة، أو يتبين بحدوث العجز في الحال إن عزمه على ترك العود كان باطلًا.
فإن قال: يكون طاعة لأنه عزم على ترك العود وهو قادر، فصح العزم وكان ما حدث من العجز بعده غير معتد به.
قيل له: فما أنكرت أنه إذا ندم على ما مضى، فصح الندم منه أن يتقلب بذلك المعجوز عنه من الفعل مقدورًا عليه في الحكم، فيصير عدم الفعل منه كأنما وجد منه تعبدًا، كما انقلب المعجوز عنه مقدورًا عليه في الحجم فإذا عزم على ترك العود وهو قادر فتبعه العجز بلا فضل واستمد به فإنه ليس من الأمرين فرقان يعقل.
ويقال له: أرأيت العاجز عن المعصية إذا كان يضمر أنه لو وجد سبيلًا إليها لعصى إما أن يكون مذمومًا على ذلك.
فإذا قال: بلى. قيل له: فلم لا قلت أنه إذا أضمر أنه لو كان قادرًا على المعصية ولم يعص كان محمودًا، وإذا كان كذلك فالعاجز عن الفعل إذا ندم على ما مضى وأضمر أن عجزه لو زال، أو لم يكن له بعد إلى ما كان منه، كان ذلك توبة، وإن كان عاجزًا عن الفعل.
ويقال له: أليس الإيمان لا يصح إلا بالاعتقاد وإقرار اللسان، فإن عجز عن الإقرار باللسان لم يكن ذلك عجز عن الإيمان، وكان الاعتقاد كافيًا. فما أنكرت أن التوبة وإن كانت صحتها بالندم، والعزم على ترك العود، فإن العزم على ترك العود وإن ارتفع بحدوث العجز عن الفعل لم تصر التوبة معجوزًا
عنها، ولكن الندم يكتفي به عن غيره ويقال له: ألست تزعم أن رد المظلمة ليست تبق به، ولكنه يحتاج إليها لتحقيق