به إلى سلطان فحبس وضرب وأخذ منه مال، ثم جاءه يعتذر إليه لم يلزمه أن تقع منه المعذرة فيقبلها ويرضى عنه بها، وإن كان الاعتذار منه أمرًا مستحبًا يستحق أن يمدح لأجله.
وإذا كان هذا هكذا، وقد جعلت قبول الرب عز وجل توبة العبد، وإذا تاب فليس قبول الثناء إليه مغفرة السيء وحمده إياه عليها، فما أنكرت أنه ليس بواجب على الرب أن يقبل توبة العبد إذا لم يكن لديه غير الحق الذي آجل به أن جنى ما جنى ولا قبله. وإذا كان كذلك صح أن قبول التوبة بفضل وامتنان وليس بواجب والله أعلم.
مسألة: وزعم أن الجنايات التي أخبر الله تعالى إنصاف المظلوم فيها إلى الآخرة إن عفا عنها أهلها المصابون بها، لم يسقط عن الجناية، لأنه ليس للمظلومين عنها حق واجب في الحال. إنما يجب بعد النظر إلى الآخرة، ولا يصح العفو عما لم يجب. قال: وليس كالدين المؤجل لأنه واجب فإنما أخر قبضه بالشرط.
ويقال له: ما أنكرت أن المجني عليه ثبت له حق بوقوع الحماية عليه، أما عاجلا وأما آجلًا. فإن كان آجلًا فموصول إليه هو المتأخر، وإلا فالوجوب حاصل وحكم الله عز وجل يوم القيامة إنما يحتاج لتعيين الواجب وإثابته فأما نفس الموجوب فهو حاصل لأن الموجوب حكم وعبادة ومحل العبادات الدار الدنيا. فلو خلا الفعل من اعتقاد وواجب لم يتوهم أن يحدث له يوم القيامة تبعة قد خلا منها عند وقوعها في الدنيا. فصح أن حقًا قد وجب للمجني عليه. فإن عفا فقد عفا عن وجب لا كما قدر به والله أعلم.
مسألة: وزعم أن من وقعت بيده أموال حرام، ولم يعرف أربابها، أنه يمسكها حولًا. فإن ظهرت فيه أربابها دفعها إليهم، وإلا تصدق بها كما يقول في اللقطة. وهذا الحال، لأن العرف في اللقطة أنها تطلب وتنشد فكذلك كلف الملتقط أن يعرف حتى إذا عرف هذا أنشد ذلك، ظهر بها صاحب اللقطة، فعاد ماله إليه. وأما الأموال المأخوذة من الناس ظلمًا، فإنها إذا صارت إلى يدي رجل وأنها لا تنشد، فكذلك من وقعت ييده لا يعرفها. ألا ترى أن من غصب من رجل مالًا ثم نسي صاحبه لم يعرفه، لأن صاحبه لا ينشده، فكذلك هذا. وإذا بطل التعريف بطل انتظار الحول، لأن