الحول مدة التعريف، فإذا بطل التعريف لم يثبت حكم الحول، وكان الحكم أنه ما دام بأصل ظهور ملاكها أمسكها، فإن أيس من ذلك صرفها في بعض أبواب البر، وإن دفعها إلى الإمام وأعلمه حالها ليقبضها الإمام عن أهلها. وإن سأل الإمام أن يأذن له في الانتفاع بها دينًا عليه لأهلها جاز على النظر لهم. والله أعلم.
فصل
ثم أن وقعت التوبة لكل واحد من أحد المذنبين ما لم يظهر له أمر من أمور الآخرة، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). أي تبلغ روحه رأس حلقه، وذلك وقت المصادفة الذي يرى فيه مقعده من الجنة أو مقعده من النار. وعسى أن يعاين فيه الملك. ولعل من بلغ أمره أن يغرغر بروحه لم يفعل تلك الحال يومه. أو لم يتمكن منها، فكان هذا القول إشارة إلى أن الله تعالى يقبل توبة العبد ما دام يتوب، وهو ما لم يغرغر بروحه يمكنك أن يتوب، وإن تاب قبل توبه. وقد يجوز أن يجد وقت التوبة بما هو ليس من هذا واشتبه بقول الله عز وجل:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن}. وهو أن يقول: أن التوبة تقبل ما لم تبطل الدواعي التي تكون للأحياء إلى ضروب المعاصي. فإذا بطلت تلك الدواعي بسقوط القوى وبطلان الشهوات والاستسلام للمات، فقد انقضى وقت التوبة، وليس في هذا ما ينهض للزاعم المتفوض مقالاته دلالة على قوله أن يشرط التوبة، أن يكون التائب متمسكًا من الفعل لأن توبة من حضره الموت لا ترد، لأنه قد عجز عن الفعل. ولكن لأن الدواعي إلى الفعل قد انقطعت فلم يحتج إلى أن تسكن لك الدواعي بالبقاء على التوبة. وأما الحي الذي عجز المعاصي بما يحول دونها، فلا يخلو من أن يعرض لد الدواعي إليه إلا أنه يعجز عن إجابتها فإذا قابل تلك الدواعي بأن الله تعالى قد حذر ما يدعو إليه فلا سبيل إليه، ولو كان ممكنًا ولم يتضجر منها ولم يقلق ولم يقل في نفسه، لولا العجز لكنت تأمرني كان ذلك مستدعيًا للتوبة. وأما من انقطعت