للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وإذا استجمع الواحد الشرائط التي سبق ذكرها نظر: فإن كان الذي يقدمه فلانه في حياته ما يتولاه، إما استخلافًا إياه عند عجزه عن القيام بما عليه فيه. وإما انخلافًا إليه منه على النظر للمسلمين، فذلك نص ماض منه، ولا اعتراض عليه فيه. وإن كان أوصى له بالولاية بعد موته، مالا ظهر إن ذلك جائز، وقد يحتمل غيره. وإن استخلف إمام على جميع ما إليه من أمور الأمة رجلًا مثله قيضه منصب نصبه من عجزته عن مناشر ما إليه فالأشبه أن ذلك غير جائز، لأن ذلك لو جاز لكان للناس إمامان ويلك كل واحد منهما عزل الآخر على النظر للمسلمين، ولا يجوز أن يكون لهم إمامان، لأن ذلك يؤدي إلى التخرب والتفرق. وإنما احتيج للإمام للجمع ورفع التفرق. فإذا كان نصب إمامين يؤدي إلى التفرق، كان ذلك أضرب من أن يكون للناس إمام. فصح أنه لا يجوز أن يكون لهم إلا إمام واحد.

وأما إذا عجز فاستخلف فجائز، لأن ترك الاستخلاف في هذه الحالة مضيعة، وللاستخلاف نظر وقيام بحق الإمامة، فإن استقل بذلك ورجع إلى حاله الأولى كان هو الإمام وانتهت خلافة خليفته. وإن استمر به العجز حتى مات استقرت خلافة خليفته، لأن نكبة الخلافة إذا كانت عجزه عما إليه، فكلما ازدادت الخلافة استقرارًا فلا عجز أشد من الموت، فوجب أن يتأكد أمر الخليفة بوقوعه.

وإما أن انخلع إليه من غير عجز فذلك جائز على النظر للمسلمين، وإن لم يكن هناك عجز بين، وهكذا إن لم يكن فيه ضرر بين ولا نظر بين. فأما إذا كان يعلم في الجملة أن دوام الأمر المستخلف خير وأصلح من انتقاله إلى من استخلفه، واستخلافه غير جائز، وإن لم يكن هناك ضرر بين يشار إليه. أما إذا كان للمسلمين في الاستخلافة من استخلف أدنى نظر، فإنما ذلك إنما جاز لدخوله في جملة ما تولاه. فإن الذي تولاه، أن ينظر للمسلمين ويختار لهم إلا عود عليهم والأنفع لهم. فلما كان ما صنع بهذه الصفة وجب أن يكون ذلك ماضيًا منه، وإن لم يكن للمسلمين فيه نظر بين ولا عليهم منه ضرر بين، فذلك جائز، لأنه لو دام على الإمامة لكان ذلك جائزًا، فكذاك إذا فعل ما يشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>