للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغ عدد المتابعين له أربعين، غير أن ذلك لم يظهر لأن الحاضرين كانوا أكثر من هذا العدد والذي بدله عمر رضي الله عنه بالتبعة تابعه الآخرون من غير توقف، كما أنهم كانوا إذا صلوا الجمعة اجتمع عليها أكثر من أربعين أضعافًا كثيرة، إلا أن ذلك لم يكن يمنع من أن تكون صحة العقد متعلقة باجتماع أربعين دون من زاد عليها. فكذلك صحة تلك البيعة كانت متعلقة باجتماع أربعين دون من زاد عليها، ولأن صحة تلك الصلاة لم تكن تتعلق بالاجتماع وإنما كان يحتاج إلى الاجتماع عليها للفضل لا للصحة. فلم يكن الاستدلال في هذا الموضع لما قلنا، وجب الفرع إلى العدد الذي يحتاج إليهم بصحة الصلاة، وإنما توجد هذه العدة في صلاة الجمعة، فأوجب اشتقاق عدد الذين تنعقد بهم الإمامة من عدد الذين تنعقد بهم الجمعة ما تقدم بنا به والله أعلم.

فصل

وإنما قلنا ينبغي أن يكون الأربعون عدولًا لأنهم يعقدون على أنفسهم وعلى غيرهم من المسلمين، فلو جاز أن يكونوا فساقًا لجاز أن يكون من يعقدون له فاسقًا، وقد بينا أن ذلك لا يجوز فمما بدا لم يجز أن يكون الإمام فاسقًا لأنه يتولى أمور المسلمين ويعقد عليهم ما يحتاج إلى عقده، فكذلك الذين يعقدون له الإمامة ينبغي أن يكونوا عدولا ولا يجوز أن يكونوا فساقًا، وبالله التوفيق.

ذكر القهر وما قيل فيه.

قال قائل: أن أحدًا لا يكون إمامًا يجب طاعته وتصح توليته، وعزله، حتى يكون قويًا قاهرًا، إن لم يطع طوعًا أطيع كرهًا. واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقيم الحدود حين كان بمكة، ولا يبعث الولاة والقضاء، لأنه لم يكن ظاهرًا على أهل مكة وإنما فعل ذلك كله لما هاجر وحصل بالمدينة، وقوى أمره. فثبت أن تصرف الإمام لا يصح إلا بعد أن يكون قاهرًا قويًا.

فالجواب: أن العقد الذي ذكرنا إذا وقع لمن وصفنا ثبتت له الإمامة قاهرًا كان أو غير قاهر. وكذلك إن كان جهد إليه إمام وصح تقليده وعزله. وأصل هذا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>