للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمامة فرع للنبوة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد كان قبل الهجرة نبيًا وإن لم يكن قاهرًا لأهل مكة ولا ظاهرًا عليهم.

ويقال لمن قال هذا القول- إن ثبت- إن كان للمسلمين إمام عادل فخالفته جماعة وناصبته وبايعت رجلًا سواه، وتعرضت لمحاربته، فوهبت بذلك بالإمام، فلم يردد يده على الإمامة إلا ضعفًا، وجمعه إلا قلة، وأمر الخوارج البغاة بالصد من ذلك. أتقول: إن الإمام العادل قد انخلع بخروج من خرج عليه وزالت عن الناس طاعته. فإن ولي رجلا لم تصح توليته، فإن عزله لم يصح عزله.

فإن قال: لا أقول ذلك، فقد نقض قوله وترك أصله. وإن قال كذلك أقول! قيل له: أرأيت إمامة البغاة إن ولي وعزل. أيصح ذلك منه. فإن قال: لا. قيل: فهو سلطان قاهر، فهلا أخرت صنيعه، وشرطك فيه موجودًا. وإن قال: نعم قيل: فقد صار الحق ينقلب باطلا بأن ينبذ. فلا يتبع. والباطل ينقلب حقًا بأن يقبل فيتبع. إن كان هذا هكذا، فقل: إن إمام أهل العدل قد انعزل بقوة الأهل البغي عليه، وصار إمام البغاة إمام حق تجب طاعته، وتحرك مخالفته. وإن كنت لا تقول ذلك، فلا معنى لأن يكون الإمام الحق إمام أ÷ل العدل، ثم لا تصح توليته ولا عزله لكونه غير قاهر والله أعلم.

ويقال له: أرأيت الإمام إذا بايعه عدد تنعقد إمامته بهم، أتلزم طاعة أمرائه وقواده وأجناده فلا بد من نعم. فيقال له: لماذا ألزمتهم طاعته وهو قاهر لهم غيرهم؟ وليس قاهرًا لهم بغيرهم؟ وإن جاز أن يلزمهم طاعته وليس بقاهر لهم. فلم لا جاز أن يلزم الناس كلهم طاعته، وإن لم يكن قاهرًا لهم بجند ولا غيرهم؟ فإن قال: إنه قاهر لبعض جنده ببعض، وقاهر لكل واحد منهم بغيره. قيل له: أرأيت لو عزل منهم واحدًا، فقال الآخرون: لا نرضى بعزله أو ولي أحدًا منهم أمرًا، فقال الآخرون: لا نرضى بولايته، أيبعد ذلك منه؟ فإن قالوا: لا. قيل: فإن الطاعة التي لزمتهم أولًا وكأنهم إنما وقعت على شرط خيار تثبت لهم فيها، وإن قالوا: نعم. قيل: فقد جاز عزله وتقليده على من ليس قاهرًا لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>