للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أو لم تهن. فلأن الإمام القاهر إذا استعمل على بلد عاملًا ضعيفًا، ولا يخشى ولا يتقي، تثبت له الولاية، ووجبت له الطاعة. وإن لم يكن بنفسه قاهرًا حتى لو أراد جلد زان وشارب أو قاذف فامتنع منه قدر على قهره وإقامة الحد عليه وهو كاره. لأنه إن كان ضعيفًا فصاحب أمره قوي ظاهر، وكذلك صاحب أمر الإمام أو النبي، وهو الله عز وجل قادر قاهر إن شاء ينتقم ممن يعصيه ويخالف أمره ولم يعجزه، فوجب أن لا يمتنع ثبوت الإمامة له لأجل ضعف يده، حتى لا تصح توليته ولا عزله والله أعلم.

ويقال له: أخبرنا عن الإمام المبايع له إذا لم يكن له جند ولا مال ولكن كثير الأطراف مطيعون أمره، فإن سلموا إليه وسألوه أن يوليهم، فولاهم. أيصح توليته؟ فإن قال نعم. نقض قوله وفارق أصله. وإن قال: لا. قيل: ولم ذاك، وهو بهم قاهر للعامة فإن قال لأنه لو بدا لهم فناصبوه لم يقدر على قهرهم، وبالله التوفيق.

فصل

ويقال لهم في قولهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يول أحد إلا بعد أن هاجر إلى المدينة وقوي أمره، بل كان الأمر بخلاف ذلك، لأنه لم يفتح له وهو بمكة إلا المدينة فولاها مصعب ابن عميرة وأنفذه إليها، فصلى بالناس الجمعة لما قدمها. والحديث في ذلك معروف.

ويقال لهم في الحدود: أخبرونا أي حد نزل النبي صلى الله عليه وسلم عند إقامته بمكة؟ فإن ذكر أنه لم يقتل المرتدين الذين ارتدوا عن الإسلام بتكذيبهم إياه في الإسراء. قيل: أوقد رويتم أن قتل المرتدين كان مشروعًا ولن يستطيعوا أن يقولوا ذلك، كل حد ذكروه فإنهم لا يستطيعون أن يدعوا أن حدًا أشرع بمكة، وإنما شرعت الحدود عن آخرها بالمدينة لأن جماعها سبعة.

أو لها حد الكفر، وهو القتال والقتل والأسر والاسترقاق وبغنم الأموال. ومعلوم أن الجهاد شرع بالمدينة، وأن هذه الأحكام كلها من توابع فرض الجهاد.

وثانيها حد القتل: ومعلوم أن آيات القصاص وأحكام القتل المقرونة بها في سورة البقرة وهي كلها مدنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>