للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبين له أن الأول سليم لم تحدث فيه آفة ولا منة خيانة، فولاته الثانية ماضية لأنه لو صرف الأول من غير بأس لنفذ تصرفه ألا ترى أن رجلا لو قيل له: إن امرأتك تريد أن تطلقها فقال: هي طالق. ولم تكن المرأة أرادت الطلاق، أطلقت لأنه لو ابتدأها بالطلاق وهي غير مريدة لطلقت، ولو بلغ أن فلانًا صالح للولاية فولاه. وذلك الفلان غير صالح للولاية فتوليته لا تنفذ لأنه ليس له أن يولي الأمر من يصلح، وليس هذا كالذي قبله.

فصل

وإذا أمر الإمام أمراء، واستقضى قضاه ثم مات، كان أمراؤه وقضاته على أعمالهم كما كانوا في حياته ولا ينعزلون. وليسوا كالوكيل ينعزل بموت الموكل، لأن الوكالة نيابة، والولاية شركة. ألا ترى أن الوالي يخدم ولا يرى الإمام الذي ولاه الحد فيجوز ذلك له ويسعه. والقاضي يقضي بخلاف رأي الإمام الذي استقضاه، فيجوز ذلك منه. والوكيل لا يعمل إلا ما يوافق رأي الوكيل، فإن خالفه رد فعله.

فصل

فإذا أوصى الإمام بالأمر من بعده إلى احد مثله، فذلك جائز لأن اختيار من يلي الأمر من بعده أحد مصالح المسلمين وهو منصوب لها كلها، فهذا منها.

فصل

فأما ولي الصرف، وقاضي البلد إذا عهد إلى غيره بما يليه من بعده، كان ذلك منه لأن المفوض إليه ليس بحق له لازم، ألا ترى أن للإمام عزلة أيضًا. فهو في هذا الوجه كالوكيل، فالإمام المتفق عليه إمامته حق لازم لأنه ليس لأحد أن يعزله. فلذلك نفذ تصرفه في حياته وبعد موته والله أعلم وبالله التوفيق.

ذكر حقوق الولاة

قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}

<<  <  ج: ص:  >  >>