للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقه بقدره، فيقتضيه بدينه، وأن يأخذ من غير جنسه فيبيعه بمثل ماله عليه ثم يقتضيه بدينه، لأن حقه لو ثبت عند الحاكم لكان على الحاكم أن يوصله إلى حقه من أحد هذين الوجهين، وإذا لم يقدر على أخذ حقه، فالحاكم لم يبطل بذلك حقه، فيتولى ذلك بنفسه ما يقدر عليه فكذلك أهل كل بلد، فإنما حقهم أن يكون عليهم عامل للإمام يرعاهم، ويقوم بمصالحهم، فإذا لم يصلوا إلى حقوقهم من الرعاية والولاية من قبل إمام يكون لهم، لم يمهلوا أنفسهم، ولكنهم يتولون نصب من يرعاهم ما كان الإمام يتولاه لو كان موجودًا والله أعلم.

فصل

وإذا نصب أهل البلد في الحال الذي ذكرنا أن لهم النصب أميرًا، ثم قام بأمر المسلمين قائم، وتثبت إمامته كان على هذا الأمير أن يسمع له ويطيع، لأن طاعة الإمام تعم ولا تخص فإن لم يفعل كان باغيًا عليه، ولم يسمع أهل البلد طاعته بعدما استعمل الإمام عليهم غيره، وهو على عمله إلى نبذ للإمام عزله عنه فعزله، لأنه في أول أمره كمن ولاه الإمام فكذلك يكون في آخره والله أعلم.

فصل

فإن لم يرض أهل البلد بإمارة من ذكرنا، ولكنه قهرهم وحملهم على طاعته فلم يستطيعوا مخالفته، فإن كانت كراهتهم له لأجل أنه لا يصلح للإمارة ولا يقوم بشروطها، فهم معذورون وحكمه بينهم كحكم الباغي. فإن يصلح لها وإنما يكرهونه مثلًا إلى التشبيب والخلاعة فقهرهم ليكف بعضهم عن بعض، ويأخذ من بعض ويقوم بحدود الله تعالى وحقوقه بينهم، كان حكمه حكم من ينفق أهل البلد عليه ويرضون إعادته، والله أعلم.

فصل

وإذا كان للناس إمام، فتغلب رجل على بلد وقهر أهله على طاعته، فأخذ من مسلميهم الصدقات، ومن ذميهم الجزية، وزوج الأيامى الإناث لا بأمر أوليائهن، ونصب القوام

<<  <  ج: ص:  >  >>