للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأيتام، وقضى بين المختصمين، فألزم وأسقط وبرأ وحرم، فما فعل ذلك فهو رد وليس شيء منه بنافذ والله أعلم. وإن كان المتغلبون لما كثروا طعنوا في الإمام العادل بأمر كان منه، نصبوا بآرائه إمامًا آخر مختلفًا، فإن لم يكن لهم مع هذا قوة بالإمام العادل وأنصاره، فلا حكم لتأويلهم. فإن تساوت قوتهم قوة الإمام العادل أو قارب، فقد ثبت لهم التأويل، فلا يرد من تصرفات إمامهم وعماله إلا ما يرد من تصرفات الإمام العادل وعماله.

فإن قيل: فهذا يدل على أن الإمام لا يكون إمامًا، وأن تكون له قوة، وفيه منعه ولولا ذلك لاستوى أن يكون الإمام العادل قويًا على دفع الباغي، أو ضعيفًا عنه.

قيل: لا يدل! لأنا لا نقول: أن الإمام العادل يعدل بقوة الباغي، لكنا نقول: إنه إمام. فإن كان ضعيفًا وليس الباغي إمامًا، فإن كان قويًا. وهذا قول الجميع. وفيه الحجة إذًا لنا لا علينا. وإنما اعتبرت قوة الإمام وضعفه في إجازة التصرفات للباغي وردها، لا في إثبات الإمامة له بغلبته أو دفعها. فإذا أجزناها منه في حال ضعف الإمام وعجزه عن مقاومة. وإنما تلك الإجازة عن أن شبهتهم بترك حجته كما يترك النكاح الفاسد منه منزلة النكاح الصحيح، والشراء الفاسد منزلة الشراء الصحيح، لا على أن لهم حجة بقوتهم تعادل حجة الإمام العادل. وفي هذا سقوط هذا الإلزام، وبالله التوفيق.

فإن قيل: فهلا كانت شبهتهم كحجة غيرهم، فإن لم يكن لهم شوكة:

قيل: إنما شبهتهم إمامهم لأنهم وإن كثروا ولم يكن لهم إمام لم يكن قولهم شبهة، غير أنه يحتاج إلى أن يكون إمامهم متبعًا حتى يكون له تأويل. وذلك أنه إذا لم يكن له رهط وأشياع، ولم يتصور بصورة الإمام، إذ الإمام من يؤتم به. وذا صار له رهط وأشياع، تصور بصورة الأئمة، فصار ذلك له شبهة. إلا أن الضرورة إن ثبتت، فإن الحقيقة لا تثبت. فإن إمام أهل العدل لم يكن إمامًا، لأن له أشياعًا، وإنما كل الصحة للعقد الواقع له، وسلامته في وقته.

ألا ترى من وجد في ظلمة الليل في فراشه امرأة فأصابها درئ الحد عنه للشبهة، وهي تصور الأجنبية له صورة امرأته، وذلك لا يوجب أن يقال: أن حقيقة الزوجية مضاجعة

<<  <  ج: ص:  >  >>