الأمر الجامع، وهو احتساب صاحبهم إمامًا، والتزام طاعته وترك الخوض فيما يفرقه فواجب السكوت عنه، فأقام الصلوات وجب إثباتها وإقامتها. فإذا سأله الصدقات، فاعتدى فيها وأراد فوق الواجب ولم يكن رده أعطى، ويكون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن سئل فوقها فلا يعطه) خارجًا عن ما يمكنه أن يمتنع من الزيادة، أو دلالة على أن الإمام وإن طالت بها، فليست الزيادة بصدقة تلزم لزوم الأصل. وهكذا إن علم منه أنه يأخذ الصدقات فلا يضعها مواضعها أعطي، إذا المصدق إن لم يكن أن يعطي ويكتم وتسقط الصدقة بذلك عن طالب المال كما يسقط حد الإمام الباغي إذا ثبت تأويله، وهكذا إن نصب قاضيًا وجب الترافع إليه إذا وقعت الضرورة ووجبت طاعته. فأما إن استقروا واستبصروا فإن ذلك يختلف. فإن كان في جهاد وجبت طاعته، وإن كان في دفع واحد مثله عن نفسه، أو قصد جائر قتله ليقمعه أو يلحقه بجملته أعين، وليكن بينه من يعينه يوهن المدفوع والمقصود، وكسر شوكته وإبطال أمره عليه لفسقه وفساده، لا أعلمه من هو خارج معه لتقوى يده وتشتد شوكته. وإن كان في دفع جنده وقصدوه بالحق، ليزيلوه عن مكانه ويجلسوا فيه من هو أهدى سبيلًا وأقوم طريقًا منه، فإن أبصر الناس فيه قوة، وكانت غلبتهم له أظهر، وألهم في رأيهم من خلافها، لم يكن لهم أن يعينوا صاحبهم، فكان عليهم أن يواصلوا الجند القاصرين له، ويسألوا الله تعالى أن يكفيهم جميعًا أمره، وإن كان بهم ضعف ووهن فيما يريدون ويخشون أن لا يثبتوا ولا يطيعوا صاحبهم، وإن أجابوهم ابتلوا معهم، كان على من يعذر في القعود أن يتعدوا إن رادوا صاحبهم عن الخروج معه، ولم يقبل له عذرًا خرج معه، وينكث للرمي والضرب والطعن ما أطاق. فإن حمل على كل شيء من ذلك رمى رميًا ضعيفًا لا يبلغهم بمثله سهمه، أو قويًا يتجاوزهم، ولا يسكن بينه وبينهم حموه، وإشارة بالرمح ولم يطعن، وبالسيف ولم يضرب، وأكل مما يرميهم به لو يشير به نحوهم نعتًا له. وإن قدر على تحذير الناس من حيث لا توقف على أمره فعلت، فإن هموا بالانصراف كان أول منصرف وبالله التوفيق.
فإن قيل: ليس شيء من هذا بطاعة قلنا: ولا قلنا إن طاعته واجبة بالإطلاق. وإنما