ويقوى فيما ولاه يده، ويشد أزره، ويكف مجاورته من العمال وغيرهم عن معارضته ومزاحمته، ويأمرهم جميعًا بطاعته، ولا يرخص لأحد في الامتناع عليه إن دعاه، والخروج عن مقاله إن أمره أو نهاه، فيما يتصل بالانقياد للحكم وحسن التسليم، أو يعود عليه بالتفخيم والتعظيم. ويتوقى أن يقال في ولايته: هذا حكم الله، هذا حكم الديوان فإن هذا من قائله إشراك بالله، إذ لا حكم إلا الله. قال الله جل ثناؤه في كتابه:{ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين}. وكما قال تعالى:{ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} فمن أثبت بالحكم لغيره، فهو ومن ثبت الحق، وإلا هو كغيره سواء. وقال:{ولا يشرك في حكمه أحدًا}. وقال:{لا معقب لحكمه}. وقال:{لا مبدل لكلماته}. فمن قال: هذا حكم الله، وهذا حكم الديوان، فقد أشرك، فإن سمع بذلك وإليه، فأقره عليه واعتبر طاعته وتعظيمًا له، كان مثله. قال الله عز وجل:{وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله، يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم}. فإذا كان هذا في القعود هكذا، فما الظن بالإقرار والاستحسان؟
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن أنجع الأسماء عند الله أن يسمى الرجل باسم ملك الأملاك). فإذا كان التسمي باسم الله ناجعًا، أفلا يكون التعرض في الشرك في حكمه دامغًا باختيان.
فإذا كان هذا هكذا فينبغي للإمام وكل وال أن يعز أمر الله ليعزه الله، ويعلم أن الأجياد وثبوت المال والمعادن كلها والسلطان نفسه إنما يحتاج إليها وإليه، ليكون حكم الله تعالى بين عباده جاريًا وأمره غالبًا ودينه ظاهرًا، والمصلح للمفسد فاقرًا، فإنه إذا علم هذا، وقر في قلبه، كان نعمة على أمر الحاكم معًا فعدله، وينظم إساءته مقصورًا، ونصره لمن يوليه ويعطيه حسنًا موفورًا، ويحسب ما يجعل من محل الحكم وقدره بأخذ