منها كما دخلت فيها لا أجر ولا وزر، ويخلص لي عمل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقلت له: إن أباك كان خيرًا من أبي.
وقال ابن عباس: دخلت أنا والمسور بن محرمة على عمر رضي الله عنه حين طعن، فقلت: أبشر يا أمير المؤمنين، قد مصر الله بك الأمصار، ودفع بك النفاق، وأفشى بك الرزق. فقال عمر رضي الله عنه: أفي الإمارة شيء علي يا ابن عباس؟ فوالله لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها، لا علي ولا لي.
وقال محمد بن سيرين: كنا عند أبي عبيدة بن حذيفة في فئة له، وبين يديه كانون فيه نار. فجاء رجل، فجلس معه على فراشه، فساره بشيء ما ندري ما هو. فقال له أبو عبيدة: أتبخل علي بإصبع من أصابعك في نار الدنيا، وتسلني أن أضع جسدي كله في نار جهنم! قال: فظننا أنه دعاه إلى القضاء.
وقال أبو السائب: قال مكحول: ما أحرص ابن أبي مليكة على القضاء؟ لو خيرت بين القضاء وبين ضرب رقبتي، لاخترت ضرب رقبتي. قال: فلما قدم علينا الأوزاعي، وقد بعث إليه ليتولى القضاء، وذكرت له قول مكحول، ثم لقيته بعد ذلك- رزق العافية- فقال لي: إن كنت أن سددت لي رأيي، وقال عمرو بن دينار كتب الحكم بن أيوب في نفر يستعملهم على القضاء، فقال لي: أبو الشعثاء جابر بن زيد: أن الحكم كتب يذكرني في هؤلاء وما أملك من الدنيا إلا حماري، هذا ولو أرسل إلي لركبت ثم هربت في الأرض، وقال مالك بن أنس رضي الله عنه: دعا أمير البصرة أبا بكر بن عبد الله بن هرمز ليوليه القضاء فتصام عليه، فتركه فسماه الأصم، وما كان به صمم، فهرب من القضاء.
وقال أبو أيوب السجستاني: ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى أتى التهامة، فلقيته بعد ذلك فقال: ما وجدت مثل القاضي العالم الأمثل، رجل شاخ، وقع في بحركم أن يسبح حتى يغرق. قال مكحول: لأن أقدم فليضرب عنقي أحب إلي من أن أولى القضاء. ولآتي إلى القضاء أحب إلى من آتي إلى بيت المال.
ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص: لتجعل كعب ابن حنبة على القضاء. فأرسل إليه عمرًا فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فقال: لعبد الله،