وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان). وعنه صلى الله عليه وسلم:(لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان) وروى أن شريحًا كان إذا غضب قام وترك القضاء.
وقال عمر بن عبد العزيز لما استعمل ميمون بن مهران على الجزيرة: لا تقضين بين الناس على سآمة ولا غضب ولا حاجة إلى مطعم. وكان ابن أبي ليلى والشعبي يطعمان ثم يخرجان إلى مجلس الحكم ويقول الشعبي: آخذ حكمي.
ومن الأصل في هذا الباب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف، فلينصرف فليقم، فإنه لا يدري لعله يستغفر فيثيب نفسه) فعلى هذا إذا نعس الحاكم في مجلس حكمه لم يأمن أن يسمع من أحد الخصمين أو الشهود شيئًا فيراه غيره أو يرد الحكم بشيء، فيقول غيره.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ليصلين أحدكم وهو ريان، ولا يصلين أحدكم وهو يدافع الأجنبين) وما ذلك إلا لأن رأيه لا يكل في مثل هذه الحال، فلا يمكنه أن يوفي الصلاة حقها من الخشوع، كذلك رأي القاضي لا يكل في مثلها ولا يتسع للاجتهاد، ولا يسلم نظره سلامة تسكن القلب الدهاء وتقع الثقة بها. فلا ينبغي له أن يقضي عندها.
وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(غزا نبي من الأنبياء صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقال: لا يتبعني رجل بنى دارًا لم يسكنها أو تزوج امرأة لم يبن بها، أو له حاجة في رجوعه). فتأول العلماء ذلك على أنه أراد أن يكون لقاؤه العدو بأصحابه، لا يشغل في قلوبهم بعطفهم عن قتال أعدائهم.
وينبغي للحاكم أن لا يطيل الجلوس إذا كان ذلك يمله، ويجلس للخصوم ساعات من