للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار ومن ثم يقوم أو يجلس لهم طرفي النهار أو يكون معه في مجلس من أهل العلم من يخلفهم ويذاكرهم وقتًا، فيستأنس بذلك، ثم يشتغل بالنظر في المظالم وقتًا، وكل ذلك قد فعله الناس، وقال رحمه الله- سألني صاحب السوق في شغله بأمور الناس وقضائه بينهم، فقال: إن ما أكاد أفرغ. فقلت له: ما ذلك عليك، ليعقد للناس ساعات من النهار، فإني أخاف عليك أن تكثر فتخطئ.

وقال مالك: كان أبو خالد الأنصاري قاضيًا، وكان يجلس مع ربيعة في أناس من أهل العلم فيأتيه الخصوم، فيختصمون إليه، فيقولون له: أدنيتنا خصماءك هؤلاء فيقول: دعوني أتحدث معكم، فإذا جاءني الخصوم حولت وجهي إليهم. قال: فكان إذا جاءه الخصم وهو في المجلس حول وجهه عنهم حتى يفرغ. قال مالك: ومن كان في المجلس يومئذ من حوله كان يرفع لمن يجلس فيه. قال مالك: وكان الناس يومئذ أيسر شأنًا.

وقال الضحاك بن عثمان، إن أبا بكر بن محمد كلمه والي المدينة في شيء فأغضبه فلم يقعد للناس شهرًا. فأرسل إليه والي المدينة: ما يمنعك من الجلوس للناس؟ فأرسل إليه: أردت أن يذهب ما بي من الغضب. وذكر عبيد الله بن عائشة، قال: كان شبيب ابن شيبة رجلًا متربعًا وكان يفرغ أهل البصرة إليه في حوائجهم، فكان يغدو عن كل يوم فإذا أراد الكوب، دعا من الطعام بشيء عرفه، فنال منه. ثم يركن في حوائج الناس. فقيل له: إنك لتباكر الغداء. قال: أجل، أطفئ فورة جوعي، وأقطع به خلوف فمي، وأبلغ قضاء حوائجي، فإني وجدت خلاء الجوف وشهوة الطعام تقطع الحكم عن بلوغ حاجته.

فصل

والقاضي في جلوسه بالخيار إن شاء أن يخرج بالغداة إذا طلعت الشمس، فيجلس. فإن كان جاء من له حاجة عنده تقدم، ثم كذلك كلما جاء صاحب تقدم، فلا يزدحم الناس على بابه، فعل. وإن شاء أقام في بيته يتأهب ويستعد بمطالعة بعض الكتب أو بالاجتهاد والتأمل إلى أن يجمع الخصوم ثم يخرج، فعل. وإذا خرج، فإن كان هناك

<<  <  ج: ص:  >  >>