به فسلمني منه وأعني عليه، ثم بكى حتى بل بدموعه خرقة كانت في يده، فجئت مسلمًا عليه فقال: أمهنئًا جئت أم مسلمًا؟ قلت: بل مسلم.
وروى أن زرارة بن أوفى وأياس بن معاوية كانوا إذا دخلوا المسجد للقضاء صلوا ركعتين قبل أن يجلسوا مجالسهم ويرفعون أيديهم يدعون.
فصل
إن رأى الحاكم أن تحضر مجلسه درة تطرح على أيمن الناس لينصتوا بها، فإن استوجب أحد من الخصوم تعزيزًا ليهم بها عليه فعل.
روى عن عمر رضي الله عنه أن درته كانت تكون معه. وقد روى عن جماعة من قضاة السلف أكثر من هذا. وروى عن شريح، أنه كان على رأسه شرطي بيده سوط. وقال مالك بن ربيعة: رأيت أبا بكر بن حزم وهو يقضي في المسجد وعن يمينه حرس وعن شماله حرس، وسياط موضوعة، ما عنده أحد من الناس. فقلت: يا مالك، ما شأن السياط؟ قال: يؤدبون بها الناس. وقد كان من الحكام من يصفح في موضع التعزيز، وليس بمروري عن أحد من السلف. واللطم مثله. وهما جميعًا بمنزلة الشتم وثلب العرض وليسا بمنزلة الضرب. ألا ترى أن الصفعة الواحدة واللطمة الواحدة بافتراء ونسيان، فيكون وراءهما فضل وزيادة، والضربة الواحدة لا تؤلم إيلام العشر والعشرين، ولا يعمل في الردع عملهما. فكما لم يكن للحاكم أن يسب ويتناول عرض الخصم وإن عصاه وأساء أدبه، لم يكن أن يصفع ولا أن يلطم والله أعلم.
فصل
وينبغي للقاضي أن يعدل بين الخصمين من حين يتقدمان إليه إلى أن يقضي خصومتهما في مدخل عليه وجلوسهما عنده، وقيامهما بين يديه، سواء كانا فاضلين في أنفسهما أو ناقصين. أو أحدهما فاضلًا والآخر ناقصًا. قال الله عز وجل: {كونوا قوامين