فدخل عبد الله على سعيد بن العاص وعمرو معه على السرير. فقال له سعيد: ها هنا. فقال عبد الله: لا. قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم.
فصل
وإذا اختصم اثنان إلى القاضي، فينبغي أن يأمرهما بالاصطلاح، فإن لم يتفقا على من يصلح بينهما، اختار لهما أحد الثقات وأمرهما أن يأتياه فينظر في أمرهما ويصلح بينهما.
كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهما الضغائن، فإن لم يقبلا وألحا على الحاكم فطلبا حكمه حكم بينهما بما يثبت عنده. وأعلى ما يثبت به قول المدعي عند القاضي: إقرار الخصم، أو على وقوع القاضي بعيان أو سماع ثم إشهاده الشهود، ثم الشهادة واليمين في الأموال، ثم النكوث ورد اليمين في كل ما يستخلف المنكر عليه جهات بثبوت قول المدعي عند القاضي. فإن كان ادعى على الخصم عقدًا أو فعلًا يلتمس منه حقًا، نظر الحاكم فيه، فإن كان يجب له بذلك العقد أو ذلك الفعل ما يطلبه أعطاه ذلك منه إذا ثبت العقد أو الفعل وإنما يثبت ذلك بما تقدم ذكره.
فأما وجب الحق الذي يطلبه بذلك العقد وبذلك الفعل، فإنما يثبت عند الحاكم بكتاب الله، أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع الأمة أو القياس على أحد هذه الأصول. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لما بعث معاذًا- رضي الله عنه- إلى اليمن قال:(بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيًا. قال: الحمد لله الذي وفق رسول الله).
والقياس قياسان: أحدهما أن يكون الفرع يشبه أصلًا واحدًا، أو لا يشبه أصلًا آخر مخالفًا في حكمه من وجه، فيرد إلى ما أشبه.
والآخر: أن يشبه أحد الأصلين من وجه آخر إلا أنه أخطأ. فإن كان أخطأ نصًا