للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه قال على المنبر: تعلموا من أنسابكم، ثم صلوا أرحامكم، فوالله أنه ليكون بين الرجل وأخيه تنازع ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخله الرحم لردعه ذلك عن انتهاكه.

وقال صلى الله عليه سلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم). قال أبو ذر رضي الله عنه: أوصاني خليل صلوات الله عليه أن أصل رحمي وإن أدبرت.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الرجل ليصل رحمه وقد بقى من أجله ثلاثة أيام، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة. وأن الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيقطعه إلى ثلاثة أيام). وهذا تفسير ما جاء في حديث آخر (من سره أن ينشأ في أجله ويزاد في رزقه فليصل رحمه). ومعنى الحديثين جميعًا: أن من الناس من قضى الله له بأنه أن يوصل رحمه عاشر عددًا من السنين مبينًا، وإن قطع رحمه عاش عددًا دون ذلك، فإذا أظهر أمره لملائكته أمر ملك الموت أن تقبض روحه عهد انتهاء أول العددين، فإذا دنا ذلك يتفق له أن يبر رحمه ويصلها، فيأمر الله تعالى أن يؤخره إلى آخر الأجلين. فنهى ملك الموت إلى أن يقبض روحه، فيقال قد زاد في عمره أو يكون عبد ملك الموت أن عمر واحد لا ينتهي إلى سنين فيتفق منه أن يقطع رزقه، فيأمر الله تعالى الملك أن يقبض روحه، فيقال: قد نقص من عمره. والمعنى أنه زاد على ما كان عند الملك ونقص ما كان عند الملك. فأما ما كان عند الله من أنه عمر بعمره وينفيه في الدنيا وفي أي وقت يقله عنها فلم يختلف، وهو وإن كان قضي عليه بأنه وإن وصل رحمه عاش كذا، وإن قطع رحمه عاش كذا، فلم يخفى عليه أن يصل أو يقطع فكذلك لا يخفى عليه أنه أي العددين يعيش، وبالله التوفيق.

ولما بين عظم حق القرابة والرحم، إن الله عز وجل ورث القرابات بعضهم من بعض فجعل مال الواحد إذا مات فاستغنى عنه للأمس والأمس، وللأخص فالأخص بذي قرابته، فجمع ذلك أيضًا أحق كل واحد منهما بالآخر. أما الميت فمن حيث أن ماله لم

<<  <  ج: ص:  >  >>