إيمانًا، لأنه لا ينشأ عن الإيمان ما ليس بإيمان. فقد يجوز أن يقال إنما كان الخضوع لله عز وجل إيمانًا، لأن ضده وهو الاستكبار عليه كفر، فإن هذا أصل ثابت، وإن لم يعتقد أصله نقضه إبليس. وما كان كفرًا كان خلافه إيمانًا.
فإن قيل: إن قتل النبي كفر، أتقولون أن تركه حيًا إيمان قيل: ولا حيا من طريق الجري على العادة في ترك الناس أحياء لا يتعرض لهم ليس بعادة. ولكن لو خطر بالقلب أنه لو فعله لكان له عند أعدائه جاه أو من أموالهم حظ، فلم يكن ذلك الحاصل من نفسه وترك أن يقتله لله عز وجل، ومحافظة على حق النبي صلى الله عليه وسلم، وما يلزمه من حبه وتعظيمه كان ذلك منه إيمانًا.
ومعلوم أن القتل لا يقع من القليل عادة، وإنما يقع عن قصد يدعوه إليه، فكما أن إمضاء القصد الدافع إلى القتل لأجل سنة الداعي إليه كان كفرًا عندنا، فقد قلنا أن تركه ردًا للسبب الداعي إليه، وتقديمًا لما كان أولى منه عليه إيمان. وأما الخشوع فإنما ينشأ عن العلم بالقهر والسلطان، وأنه إن أراد بالعبد سوءًا لم يمنعه عنه مانع، فهو أيضًا إيمان، لأن العلم بما ذكرنا إيمان، والقرآن بين الخضوع والخشوع، وأن الخضوع من معاني الرغبة، والخشوع من معاني الرهبة وبالله التوفيق.
ومن التواضع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجيب العبد يعود المريض، ويركب الحمار. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان الأنبياء صلوات الله عليهم يركبون الحمر، ويلبسون الصوف ويحلبون الغنم، وفي باب التكبر التفاخر بلا حساب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(كلكم بنو آدم خلق الصاع ثم ملأه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى، ولا تسابوا، إنما السبة أن يكون الرجل فاحشًا بذيئًا جبانًا). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حسب المرء نبته ومرونة خلقه وأصل عقله.
ومن الكبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن أنجع الأسماء عند الله أن يتسمى الرجل باسم ملك الأملاك) أي الأمثل والأكثر النجاع. ومنه ما جاء في النهي عن التنجع وهو