للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تأخير التكنية إلى أن يكبر المولود، فيولد له. فلأن تكنيته من ذلك الوقت إنما تقع باسم ولده، فيكون صدقًا، فاستحب ذلك كما استحب أن يسمي المولود بالأسماء الصادقة نحو عبد الله وعبد الرحمن. فإن كن قبيل ذلك فلا بأس، لما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف صبيًا فإذا انصرف من صلاة الفجر دخل عليه فمازحه ساعة حتى يضحك ثم يخرج. فدخل عليه يومًا وهو يبكي، فقال: (ما لصبيكم يبكي، فقد بعيرًا له. قال يا أبا عمر، ما فعل البعير، فجعل يرددها عليه حتى ضحك. ثم قال: يا أبا ذر كنوا أولادكم قبل أن يغلب عليهم النفاق السوء. ثم قال: إني لأمزح ولا أقول إلا حقًا).

وأيضًا فإن الرخصة لما وردت في تسمية المولود حارثًا وهمامًا، فجاز أن يسمى بهما ولم يحرث ولم يهم تفاؤلًا له بهذين الاسمين، إذ كان كل واحد منهما لا يكون إلا مع البقاء، جاز على قياس ذلك أن يعجل بكنيته، فيقال: أبو فلان، تفاؤلًا له بذلك إذا كان لا يولد له إلا أن يبقى قبل ذلك والله أعلم.

فإن سأل سائل عن غرض التسمية والكنية قيل: أما التسمية فلمجرد الشهرة والتعريف ليدعى إذ دعي به، ويتميز به عمن لا يشاركه في اسمه فإن شاركه في اسمه غيره ضم إلى الاسم والنسب، أو بعض الأوصاف والحلي لا يستوي فيها اثنان، قد جاء بها التمييز بمجموع الأمرين عن غيره. وأما التكنية فتكون للمبالغة في التعريف. وقد تكون للمتوفين، لأن الكبير هو الذي يولد له، ومن يولد له، فقد صار راعيًا على ولده، وثبتت له الولاية عليه. فمني كنى واصف إلى ولده، فقد وقر وأنزل منزلة الولاة والدعاء والعاملين للغير، والقائمين عليه. وهذا هو الغرض والله أعلم.

وأما الختان في اليوم السابع، ففيه أخبار، منها ما روى عن مكحول أو غيره أن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه، ختن ابنه إسحق صلى الله عليه وسلم لسبعة أيام، وإن فاطمة رضي الله عنها كانت تختن ولدها السابع. وعن محمد بن المنكدر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن لسبعة أيام. وقد روى عن الحسن أنه كره ختان الغلام يوم سبوعه، خلافًا على

<<  <  ج: ص:  >  >>