للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود. والسنة أولى أن تتبع، ولو ترك الختان اليوم السابع، لأنه من فعل اليهود لترك الختان أصلًا لأنه من فعلهم.

فإن قيل: وما في فعل فاطمة من الدليل، أو فيما رويتم أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن اليوم السابع. وإنما تولى ذلك منه إن صح الخبر- أتراه وهما مشركان؟

قل: أما فاطمة رضي الله عنها، فالأغلب أنها لن تكن تختن ولدها دون مؤامرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو فعلته بغير أمره، ثم لم ينكره عليها فذاك بمنزلة الأمر. ألا ترى أن عليًا رضي الله عنه، لما سمى ابنه حربًا، ولم يرض ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف أنكره وغيره. فكذلك لو أنكر صنيع فاطمة رضي الله عنها، لأعلمها ذلك، ولنهاها عن مثله. فلما لم يفعل، والظاهر أن ذلك لم يكن يخفى عليه، ولا ينكتم عنه، صح أنه أقرها على ذلك والله أعلم.

وأما أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن اليوم السابع، فإن وجه الحجة فيه أن الختان من الأمور الشرعية، فلأن كانت معرب تختتن في الجاهلية فلأنها توارثته خلفًا عن سلف عن إبراهيم صلوات الله عليه. فلما روى أنهم ختنوا النبي صلى الله عليه وسلم اليوم السابع وكان من أوسطهم نسبًا، على أنهم لم يختاروا تعجيل ختانه إلا لكرامته عليهم. فكان ظاهر ذلك أنهم ورثوا أصل الختان، ورثوا أفضل تعجيله والله أعلم.

وأيضًا فإن ما يجب قطعه فهو من جملة الأذى، فدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم (أميطوا عنه الأذى). وأيضًا فإن الصبي كلما كان أصغر كان من الأوجاع والآلام أغفل وجرحه إلى الإلتئام والإلتحام أسرع. فإن عوجل بالختان فإن ذلك في حال الصغر أخف عليه منه في حال الكبر، لم يكن في ذلك ما ينكر. فإن خيف أن الدم الذي يقطر منه الجرح إذا ختن يضعفه، أو أن أذى الألم الذي يختن به ينهكه، أخر إلى أن يصير محتملًا له والله أعلم.

والأصل في وجوب الختان قول الله عز وجل: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات

<<  <  ج: ص:  >  >>