للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتمهن) فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ابتلاه الله عز وجل بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد. في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس. وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل مكان الغائط والبول بالماء.

وظاهر اسم الابتلاء يدل على الغرض، لأن المندوب إلى الشيء لا يضيق عليه ترك ما ندب إليه، فلا يكاد يتحقق بالندب ما لم يكن معه إلزام. هذا وفيما يذكر أنه في التوراة إن الله تعالى أمر إبراهيم صلوات الله عليه وقومه بالختان، وأشار لهم إلى معناه وغرضه، فقال: متسمًا لي في أجسادكم إلى آخر الأبد. وأنه حكم على من لم يختن بالقتل. فبان بهذا أن الختان كان فرضًا عليه وعليهم. وإذا ثبت هذا الدليل، إن الختان كان فرضًا على إبراهيم صلى الله عليه وسلم. وجاء عنه أنه قام على نفسه في كبر سنه.

وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اختتن إبراهيم صلوات الله عليه وهو ابن مائة وعشرين سنة، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة). فقد صح أن الختان من ملة إبراهيم. وقد قال الله عز وجل لنبينا صلى الله عليه وسلم: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا}. فما كان من ملة إبراهيم أصلها وفروعها، فإتباعها واجب بهذه الآية.

فإن قيل: لما كانت قرائن الختان في هذا الخبر غير فرض، فما أنكرت أن يكون الختان غير فرص.

قيل: المضمضة والاستنشاق لأصل الجناية فرض عندك، والاستنجاء بالماء فرض عندك، غير أن الأحجار تقوم مقامه. كما أن غسل الرجلين فرض، لكن المسح على الخفين يجري عنه. فليست قرائن الختان كلها إذًا غير فرض. وعلى أنا لا ندري أكانت قرائن الختان في شريعة إبراهيم عليه السلام فرضًا أو لم تكن فرضًا. فليس في جمع الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>