للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما وبين الختان ما يمنع من أن يكون الختان من بينهما فرضًا، كما قد يجمع على المصلي والحاج بين عدة أشياء يؤمر بها، ثم يكون بعضها فرضًا وبعضها غير فرض. وإن كانت في شريعتها فرضًا فالختان ثم نسخ فرضها، فليس في نسخها ما يوجب نسخ الختان كما لم يكن في نسخ منها ما يوجب عندك زوال فرض المضمضة والاستنشاق في التطهر من الجنابة والله أعلم.

وقد يحتج لإيجاب الختان بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خمس من الفطرة) فذكر منها الختان، والفطرة هي الملة. قال الله عز وجل: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} يعني الدين القيم. وقد يجوز أن يكون معنى خمس من الفطرة أي من الملة التي أمرتم بإتباعها، وهي ملة إبراهيم. فرجع المعنى إلى أنها فطرة أبيكم، لا إلى أنها فطرة الناس كلهم. ابتلاء إبراهيم واقعًا بضم خمس إلى هذه الخمس، حتى بلغت الكلمات عشر.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الفطرة خمس: الاستحداد وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الإظفار، والختان).

ووجه الاستدلال بالختن، أن الفطرة ما كانت الدين والملة، فكان ما قيل أنه منها، فالظاهر أنه من أركانها لا من روائدها إلا أن يقوم والدليل على خلافة. والدليل على ذلك أن كل نبي بعث وشرعت له شرعة، فإنما يبعث على أن يكون على قومه أتباعه، لا على أن يكون متحرين في طاعته. وأوجب هذا أن يكون الأصل في كل ما شرع له الوجوب، حتى يكون الدليل على غيره.

وأيضًا فإن إتباع الملة في الجملة إذا كان واجبًا، فما ثبت أنه منها، فإنما هو جزء من جملة قد ثبت لها حكم الوجوب. فالظاهر أن حكمة الوجوب ما لم يصيره عن سائر الأجزاء دليل، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>