للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا لا يكون تحية، فكذلك السلام عند الدخول على القوم تحية، وعند القيام إذا أعجلت الحاجة إليه دعاء غير تحية، والله أعلم.

فإن كان التسليم على جماعة كان الرد عليهم واجبًا، إلا أن أحدهم إن رد سقط الفرض عن الباقين، وإن لم يرد عليه أحد منهم، فالكل حرجون. ولا ينبغي إذا بدأ رجل رجلًا بالسلام أن يقول له: عليك السلام، لكن يقول: السلام عليكم، فيبدأ بذكر السلام.

فقد جاء في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال له في شعر أنشده: عليك السلام أبا القاسم. فقال له: (عليك السلام تحية الموتى). فاجتمع في هذا شيئان: أحدهما أن الأحياء لا يسلم عليهم هكذا، بل يقال لهم: السلام عليكم. والآخر: أن من حضر أجودهم يجود بنفسه فله إذا قاظ أن يقول له: عليك السلام على سبيل التوديع له ليفارق، سلام الوداع سلام التحية.

وينبغي للمسلم إذا سلم أن يجمع ولا يفرد، وإن كان المسلم عليه واحدًا فيقول: السلام عليك، لأن مع السلام عليه ملكين فلا يخصه دونهما بالسلام. ويقول الراد: وعليكم السلام، لأنه يريده، وملكيه. فإن قال المبتدئ: السلام عليك بحصر، فقال الراد وعليكم السلام، لأنه يريد وملكيه، يمنعه أفراد المبتدئ من الجمع. وإن قال المبتدئ: السلام عليكم بجمع، فقال الراد: وعليك السلام. فهذا له وجه، لنه يحمل المسلم في جواب الملكين عليهما. وهذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه، وقد قال له: السلام عليكم، وعليك السلام، وكذلك في الثانية والثالثة والله أعلم.

فإن قال قائل: لم يكن رد السلام فرضًا، وإن كان تحية وبرًا. فقد أجمع المسلمون على أن من أهدى إلى مسلم هدية فقبلها لم يكن فرضًا عليه أن يجزيه بها خيرًا منها ولا مثلها. وإن كان يستحب له أن يجزى، فلم لا كان رد السلام كذلك. قيل: لأن الأصل في السلام أنه كان إيمان، فإذا دعا الآخر بالسلامة، فقد أعلمه من نفسه أنه لا يريد به شرًا، والأمان لا يتفرق حكمه بين اثنين. فإن كل اثنين كان أحدهما آمنًا من الآخر. فواجب أن

<<  <  ج: ص:  >  >>