كان فيه على ما هو عليه أو مكسورًا منعه من جنس المنافع المطلقة، ولم يكن غنيًا يجيبه، فالبيع فيه ماض إلا أنه من المشرك مكروه، ولا يبتع المسلم من الكافر عصيرًا يرى أنه يجده خمرًا ولا من الكافر سلاحًا، فإن فعل فالبيع مفسوخ. ولا ينبغي لمسلم أن يقود أباه الأعمى إلى الكنيسة أو البيعة أو موقد النار. فإن كان أبوه في بعض هذه الأماكن، وأراد الرجوع فله أن يقوده إلى بيته ومنزله. وهذا إذا قاده إلى هذه المواضع، فيعمل ما يرون أنه صلاة وعبادة. فإن كان له فيها شغل يحل الذهاب إليه، فله أن يقوده ليبيع فيه حاجته.
ولا ينبغي للمسلم أن يؤاجر نفسه أو دابته كافرًا في حمل خمر أو خنزير أو عنب يعصر خمرًا فإن أجره نفسه فيما يحل، وهو محتاج إلى ذلك فلا بأس وإن كان له مندوحة عنه فليجتنبه، وبعض ذلك شر من بعض. فإنه إن أجره نفسه مشاهدة أو مشابهة، فذلك أحق بالكراهية من أن يؤجره نفسه في عمل يعمل له يومًا أو يومين أو أقل، ثم يتركه. وإن أجره نفسه في سياسة دوابه، فهو خير من أن يؤاجره نفسه في خدمة بدنه، لأن دابة الكافر خير من الكافر. ومن هذا الباب مجانبة الظلمة.
وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما بعث الله تبارك وتعالى من نبي إلا كان بعده خلفًا، يقولون ما يفعلون، ويفعلون ما يؤمون، وسيكون بعدي أمراء يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون.
قالوا. كيف نصنع يا رسول الله؟ قال: من اعتزلهم سلم منهم ونجا، ومن كان معهم هلك).
وعن صلى الله عليه وسلم قام خطيبًا، فقال: (ألا أني أوشك أن أدعى فأجيب، وليأتكم بعدي عمال يقولون ما يفعلون، ويعملون ما يعرفون، فطاعة أولئك طاعة، فيلبثون بذلك دهرًا، ثم يليكم عمال من بعدهم يقولون: ما لا يعلمون، ويعملون ما لا يعرفون، فمن ناصحهم ووازرهم، وشد على أعضادهم، فأولئك الذين هلكوا وأهلكوا. قالوا: فصف