لنا ما نصنع إن أدركنا ذلك؟ قال: خالطوهم بأجسادكم، وقاتلوهم بأعمالكم، واشهدوا على المحسن منهم أنه محسن، وعلى المسيء منهم إنه سيء والله أعلم).
ولا ينبغي للمسلم أن يقبل هدية مشرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد هدية مشرك، وقال:(أنا لا نقبل زبد المشركين). ويحتمل أن يكون ذلك، لأن الهدية تعلق بالقلب فتميله نحو المهدى، ولأنها في الثروة تقتضي المكافأة. فإذا وقع التهادي بين المسلم والكافر صار ذلك من جوالب الردة، ولا ينبغي للمسلم أن يواد كافرًا.
ويحتمل أن يكون الزبد اسمًا للعطية أن يصدر من المعطى عن ظاهر لا حقيقة له، فيكون كالزبد على ظاهر الماء لا أصل له. وإنما هو طاف فوقه. وسمعت من يسمي الكلام الذي لا حاصل له زيدًا، ويذهب به إلى قول الله عز وجل:{فأما الزبد فيذهب جفاء} أي أنه لا فائدة فيه ولا معنى له.
ولا ينبغي للمسلم أن يفشي إلى كافر سرًا لأنه عدو الله تعالى، وأنه خائن لله ورسوله ولنفسه، فلا ينبغي له أن يأمنه. فإن كان ذلك من أمر دار الإسلام أو جيش المسلمين، أو إمامهم، أو عامتهم، فهو أدهى وأمر. ولا ينبغي للمسلمة أن تنكشف للكافرة، فترى منها ما لا يحل للرجل الأجنبي أن يراه، لأن الله عز وجل يقول:{ولا تكن للخائنين خصيمًا} ولا أن يضمن عن ذمي جزية، ليخفف عنه بضمانه، أو يدفع به صغارًا عنه، ولا أن يكفل نفسه لئلا يحتسب. فأما إن دفع عنه ظلمًا يراد به، فذلك من حقوق العهد، وليس من الود والإشفاق بسبيل. وإذا أراد المسلم نزول سكة أو حانوت، فليعلم جيرانه، ويتحرى أن لا يكون جاره كافرًا، وينأى عنه ما أمكنه. لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تراءى ناراهما). فإن حدث له جار كافر فلا بأس عليه أن أقام موضعه. ولا ينبغي لفعله المسلمين وصناعهم أن يعملوا للمشركين كنيسة أو بيعة، أو صليبًا أو منبرًا. فأما غزل الزنار ونسجه فلا بأس به، لأن ذلك صغار لهم.