وفي الصبر على ما يشق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصبر على لأواها وجهدها أحد إلا كنت له شهيدًا أو شفيعًا يوم القيامة). وقد ينبغي الصبر من وجه آخر، وهو ما روى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، كيف الفلاح بعد هذه الآية من يعمل شرًا سخزيه؟ قال (يرحمك ربك يا أبا بكر، ألست بمرضي؟ ألست تحزن حينما يصيبك اللأو أو الجهد، فهذا ما يجاوز به). وإن المصائب إذا كانت قد تكون جزاء، ولا وجه لترك الصبر عليها، فينقلب الجزاء ذنبًا، بل الإيمان هو الصبر، وإن كان ما أصاب خيرًا عفى عن الذنب الذي هو جزاؤه، وكان احتمالك ذلك أهون من النار.
وفي الصبر على المصيبة قال النبي صلى الله عليه وسلم لإبراهيم ابنه عليه السلام، وهو لما به تدمع العين ويحزن القلب، ولا يقول بما يسخط الرب تعالى، ولو أنه مقضي وسبيل يأتي فإن الآخر لا حق بالأول، لكان وجدنا عليه أشد من وجدنا، (وإنا بك يا إبراهيم لمحزنون) ومن هذا الباب ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يموت لمؤمن ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا يخله القاسم). وهذا على ما أصيب بهم فصبر واحتسب.
وفي الصبر على العوارض والمصائب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أراد بعبد خيرًا عجل له العقوبة، وإذا أراد بعبد شرًا أمسك عليه حتى توفاه يوم القيامة).
وفي الصبر على الأمراض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما وصب العبد المسلم من وصب ولا سقم ولا حزن ولا أذى حتى الهم، إلا الله يكفر به عنه خطاياه).
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشد الناس بلاء؟ قال:(الأنبياء، ثم المثل فالأمثل، فيبتلى العبد على حسب ذنبه، فما برح البلاء بالعبد حتى يدعه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة). وقال عائشة رضي الله عنها: هذا مثابة الله للعبد بما يصيبه من الحمى