المؤمن كمثل الزرع لا يزال الريح يفنيه ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء. ومثل المنافق مثل شجرة أرز لا تهتز حتى تستحصد). وأما قوله عز وجل {وحين البأس} فمعناه عند القتال. أي من صبر في موطن القتال فلم يهرب من العدو. ومن هذا الصبر ما يجب ويحرم تركه. ومنه ما لا يجب ويجوز تركه. ونذكر ذلك في باب الجهاد إن شاء الله.
ومما يلتحق بالصبر عند المصائب أن لا يشق المصائب ثوبه ولا يلطم وجهه ولا تنخدش بشرته. ولا المصابة تفعل شيئًا من ذلك، ولا تقطع شعرها ولا ترفع صوتها بالبكاء ولا تنوح ولا تقيم النوح. قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ليس منا من حلق وسلق وشق) وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية).
وفي ذم النياحة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من نائحة تموت قبل أن تتوب إلا ألبسها الله سروالًا من نار ودرعًا من جرب).
وفي البكاء على الميت: قيل لعمر رضي الله عنه: إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد، فقال: وما على نساء بن المغيرة أن يسفكن دموعهن على أبي سفيان ما لم يكن يقع لأوليائه. قيل: هما جميعًا الصوت السديد. وقيل: النقع صنعة الطعام الذي هو البقيعة.
روى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما توفي أقامت عائشة النوح، فأقبل عمر حتى قام ببابها، فنهاهن عن البكاء على أبي بكر، فأبين أن ينهين، فقال عمر رضي الله عنه لهشام بن الحارث أو علي فاخرج إلى بيت أبي قحافة، فقالت عائشة لهشام: اخرج عليك يا بني. قال عمر لهشام: ادخل فقد أذنت لك. فدخل فأخرج أم فروة بنت أبي قحافة، فعلاها بالدرة ضربات فتخرس النوائح حين سمعت ذلك. فقال عمر رضي الله عنه: أردتن