قد علمنا أن كل شيء من هذا، حكم بأنه طاهر في أصله، فإن تلك الطهارة تظهر عليها ما بانها، وللإسلام في أهله آيات. فما أنه الإسلام في أولاد المشركين وهم كما يتفضلون عن أمهاتهم يمكن لها بحكم المشركين أو حين يكونون اجنة في بطون أمهاتهم كذلك أيضا، وإذا لم يكن للإسلام فيهم انه قط علم أن الإسلام فيهم وانه لا دين لهم من قبل أنفسهم إذا الدين كسب ولا كسب لهم فهم كذلك يتبعون آباءهم وأمهاتهم ويجعل ما كسباه من الدين ككسبه لعلة الحرونة والله أعلم.
فصل
ثم القول في الأطفال وما هم صائرون إليه من الجنة والنار، يتبع الأصل الذي سبق ذكره وتقديره. فمن قال: أن كل مولود فإنما يولد على الحق، حتى يكون أبواه ينقلانه إلى الباطل. قال: أن الطفل المولود بين مشركين إذا مات ولم يبلغ مبلغ الاختبار، فيختار الدين الحق أو الذي عليه أبواه، زالت عنه ولاية أبويه فزال ما كان فيهما من تغيير دينه، فرجع إلى أصل أمره، فكان بذلك من أهل الجنة.
ومن قال: بالقول الآخر قال لا يقطع في أمرهم بشيء، وقد يجوز أن يكون مع آبائهم وأمهاتهم في النار، لأن الله عز وجل قد اتبعهم إياهم في الدنيا، فيمكن أن يتبعهم إياهم في الآخرة. قال: قد يجوز أن يوردوا النار وإن لم يدينوا، لأن من أورد النار، فلأنه خلق لها، ومن أدخل الجنة، فلأنه خلق لها. واحتج بقول الله عز وجل:{ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجنس والأنس}. ويجوز أن يصاروا إلى الجنة في هذا القول.
فيدل ذلك على أنهم خلقوا لها وإن لم يكونوا كسبوا في الدنيا خيرا. وقد قيل: أنهم يصاروا إلى الجنة ليكونوا خدام أهلها، لا تكون الجنة ثوابا لهم. فإن الثواب يقابل الطاعة، وهم لا طاعة لهم. فيكونون لأهل الجنة في الجنة كخدام الملوك في قصورهم وبساتينهم. ومعلوم أنهم بأن ينعموا بها يلبسوا فيها كسادتهم.
فكذلك هؤلاء الأطفال وأن ينعموا بالجنة فليسوا فيها كالذين جعلت الجنة ثواباً لهم.