للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج بما روى أن صبيا مات لرجل من المسلمين فقالت عائشة رضي الله عنها: "يا رسول الله، طوباه، عصفور من عصافير الجنة لم يدرك شرا، ولم يعمل به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك يا عائشة! أن الله تعالى خلق للجنة أهلا، خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم. وخلق للنار أهلا، وجعلها لهم وهم في أصلاب آبائهم".

فيما مضى أن ما يروى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم في أطفال المشركين: "الله أعلم بما كانوا عاملين" يحتمل أن يكون معناه غير ما يقول المحتج به.

وأما هذا الحديث الأخير، فيحتمل أن يكون إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على التي قطعت: إن الصبي في الجنة، لأن القطع في ذلك بإيمان أبويها، وقد كان يحتمل أن يكونا منافقين، فيكون الصبي ابن كافر. فيخرج هذا على قول من يقول: قد يجوز أن يكون ولدان المشركين في النار، وقد يحتمل أن يكون أنكر ذلك لأنه لم يكن أنزل عليه في ولدان المسلمين شيء، ثم أنزل قوله عز وجل: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}. فأخبر عز وجل: أن الذين آمنوا في الحياء الدنيا وجعل ذرياتهم إتباعا لهم في الإيمان، فإنه يلحق بهم ذرياتهم في الآخرة. فثبت بذلك أن ذراري المسلمين في الجنة.

جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سألت ربي عز وجل أن يريني أهل الجنة أهل النار، فجاءني جبريل وميكائيل في اليوم فقال: انطلق يا أبا القاسم، وذكر الحديث إلى أن قال: وأنا أسمع لغط الصبيان، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هم ذرية أهل الإسلام الذين يموتون قبل آبائهم، تكفل بهم إبراهيم صلوات الله عليه حتى يلحق بهم آباؤهم". ففي هذا الحديث أيضا بيان أنهم في الجنة، والله أعلم.

فصل

وإذا سبى الصبي من دار الحرب ومعه أبواه أو أحدهما، فدينه دين من معه من أبويه لأنهما يبقيان على كفرهما بعد السبي، فكان في ذلك تابعا لهما كما كان عند الولادة تابعا لهما

<<  <  ج: ص:  >  >>