للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أعلم، فإن سبى وحده فدينه دين السابي لأنه وليه الذي لا أولى به منه كفالة وحمل مؤونة وغيرهما. فقام في دينه مقام أبويه كما قام في الولاية والكافلة مقامها والله اعلم.

وإذا أسلم أب الطفل أو أحدهما كان الطفل مسلما، فأما إذا أسلم الأبوان معا فلان دينه دين الأبوين وكذلك كان في حال كفرهما كافرا، فوجب أن يكون في حال إسلامهما مسلما، وبأن أسلم أحدهما صار مسلما، لأن الجمع بين الاسم والكفر له غير ممكن. فكان الإسلام اغلب لأنه أحق والكفر باطل ولن يغلب الباطل حقا. قال الله تعالى: {بل نقذف بالحق على الباطل فإذا فيدمغه هو زاهق}.

وإن أسلم الجد فقد قيل: يكون الولد مسلما وقيل: لا يكون، والأولى أن أب الصغير إن لم يكن حيا، وكان جده يكفله، فإسلامه له إسلام، وإن لم يكن الجد عليه ولاية، فليس إسلامه بإسلام، لان المعتبر هو الولاية والكافلة، ألا ترى أنه لو سبي دون أبويه لكان دينه دين السابي دون الأبوين، وكذلك إذا صادف الولاية للجد يموت الأب أو عتقه أو رقه، وجب أن يكون إسلامه كإسلام الأب، وإذا كان الأب حيا، والولاية له، فإسلام الجد غير معتبر كم يعتبر إسلام السابي إذا كان مع الصغير أبواه أو أحدهما، والله أعلم.

فإن قيل: إن كان دين الصغير دين وليه، فينبغي أن يكون دينه دين السابي، وإن كان معه أبواه، لأنه لا ولية لهما عليه وإنما هي السابي. وينبغي إذا أسلم الأبوان وهما رقيقان أو أحدهما أن لا يصير بذلك مسلما.

فالجواب: أن الأصل في هذا الباب أن الولد تابع في الدين لأبويه، فإذا ولد بين كافرين كان كافرا بكفرهما، لأنه جزء منهما، على السياق الذي تقدم تقريره في الباب الأول. وإذا سبوا جميعا كان حكمه حكمهما، لأن السبي لم يوجب تغير دين الأبوين، فكان الولد تابعا لهما في أن يبقى على دينه لبقائهما، وأمكن بهذا الإتباع بعد أن كان سبي الواحدة قد ضمهم فكانوا في الإجماع بعد السبي كما كانوا قبله.

وأما إذا سبي وحده فهذا المعنى غير موجود لأنه لا سبى في الأبوين، فيقال: إن سبيهما إذا لم يوجب تغيير دينهما، كان الولد في ذلك بمنزلتهما، وإذا لم يتهيأ إتباعه إياهما

<<  <  ج: ص:  >  >>