وكانت ولايته وكفالته قد صارت إلى السابي، ولم يكن للصغير يد من دين، كان السابي أولى بأن يجعل دين الصغير دينه، فكانت الولاية لترجع السابي بها على غيره بعد أن فات إتباع الصغير أبويه، وذلك لا يوجب أن يكون دينه دين السابي مع وجود أبويه.
فإن قيل: فلم لا تركتموه تبعا لوالديه في دينهما، وإن كان منفردا عنهما، وما أنكرتم أنه إذا سبي معها كان تابعا لهما في دينهما لأنه صغير، فكذلك يتبعهما. وإن سبي وحده لأنه صغير وليس سبيه وحده أكثر من موت أبويه، ولو ماتا لم ينقطع بذلك إتباعه إياهما في الدين، فلم لا كان سبيه وحده كذلك؟
قيل: أن السبي إذا كان يقطع حقوق المسبي ولم يغير دينه إذا كان بالغا عاقلا صار ذلك إقرارا مبتدأ له على دينه، فنزل ذلك منزلة عقد الذمة، ألا ترى أن المسبي لا يقبل على الكفر الذي كان يقبل عليه حين حزبيا، كما لا يقبل الذمي على الكفر الذي كان عليه حين كان حزبيا، ومعلوم أن الصغير يتبع في الذمة أباه، وكذلك يتبع ولد المسبي أبويه.
وإذا كان هذا هكذا لم يجز إذا أسبي وحده ومات الأبوين هذا المعنى أن يثبت الولد فيعود أصلا في كفره بعد ما كان تابعا، وإذالم يثبت ذلك له وهو لا يحل قبله ولا يمكن إجباره على تغيير الدين فليس إلا أن سلبي كفر أبويه ويجعل دينه دين غيره. ثم كان السابي أولى الناس به فجعل تابعا له في دينه، وكان هذا هو الذي يقتضيه صغره، وإلا أبقاء على كفر أبويه والله أعلم. وأما إذا مات أبواه وهو صغير، فإن الكفر استقر منهما بالموت، واستحال أن يوجب ذلك زواله عنه، وهو تابع لهما فيه.
فإن قيل: فلم لا يستقر فيه تابع. قيل: لم يستقر حكم، إن المستقر لعجزهما بعد الموت عن تعبير الدين، ولو كان الاستقرار حكما لتبعهما فيه والله أعلم.
فأما إذا سبي بواه فالسبي أيضا لم يضمهم حتى إذا صار أبواه مقرين على كفرهما صار مقرا مثلهما، فبقي في الكفر أسوة بأهل داره كما لو سبي وحده لكان في الدين أسوة بابيه والله أعلم.
وأما إذا أسلم أبو الصغير وهما عبدان، فإنهما إن كانا سبيا معه ثم أسلما عند السابي أو عند من باعه السابي إياهما أو وهبهما له، كان بذلك مسلما. وإن سبي الصغير دونهما ثم أسبيا، سواء سبيناهما من سبي الصغير أو غيره، ثم أسلما لم يصير الصغير مسلما بإسلامهما،