للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه} أي فكذلك فاكرهوا الغيبة. ودلت السنة على مثل ذلك. فجاء ما صام من أكل لحوم الناس، يعني الغيبة. ولا ينبغي أن يدخل بيته إلا بإذنه، لأنه لا يؤمن أن يكون فيه على حال لا يحب أن يلقاه عليها أحد.

قال الله جل ثناؤه: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}. وقوله تعالى: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى} وهذا كله لأن كل واحد إذا كان يكره أن يدخل عليه بيته بغير إذنه، وأن يغتاب أو يتبع عوراته، أو يصاب منه شيء مما تقدم ذكره، وكانت طلوع الناس في هذه الأمور متفقة، وجب أن يعلم أن غيره يكره لنفسه، فلا ينبغي أن يقصده بشيء منها فيكون قد ساءه، وفرق بينه وبين نفسه، وإنما شرط الدين الذي يجمعهما بأن ينزله منزلة نفسه. وينبغي للمسلم إذا دعا لنفسه بالمغفرة أو العافية، أو بسعة الرزق أو بدوام النعمة أن يدخل معه إخوانه المؤمنين في دعائه، ولا خص نفسه بالدعاء.

فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر الله عز وجل الملائكة أنهم يدعون لمن في الأرض فقال: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم، ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلمًا، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم. وقهم السيئات. ومن تق السيئات يومئذ فق رحمته، وذلك هو الفوز العظيم}.

فإذا كانت الملائكة وليسوا من جنس البشر يرعون للبشر حق الإيمان الذي يجمعهم وإياهم فيستغفرون للمؤمنين، ويسألون الله تعالى لهم الخير. فالبشر لأن يرعى بعضهم لبعض حق الإيمان الجامع لهم دعاء ومسالة واستغفار أولى وأحق والله أعلم.

ولا ينبغي إذا خلف المسافر طريقًا فيه لصوص واستقبله قوم يريدون ذلك الطريق

<<  <  ج: ص:  >  >>