أن لا يسكت عنهم ويخبرهم ما عنده ليحترز أو يرجعوا أو يجوزوا. وهكذا من عرف في طعام أو شراب غائلة، فلا ينبغي أن يسكت عن مسلم يريده ويعلمه ما عنده ليدعه. وإن علم في بيت أو منزل من منازل السفر، هو أما قاتله أو مضره، ورأى مسلمًا يريد نزوله فلا ينبغي له أن لا يخليه بماله ليتوقى، أو يعدل عنه إلى حيث لا يخش فيه على نفسه.
ويدخل في هذا، ولا يلتحق من كل وجه به أن من رأى مسلمًا ينام وقد دخل عليه وقت الصلاة وهو لا يشعر به، فينبغي له أن يعلمه بالوقت لم يخرج، لأن الصلاة لا تفوته بالنوم، ويمكنه قضاؤها إذا تنبه. ولكن لو رآه يتوضأ بما نجس وهو لا يعلم نجاسته، فينبغي له أن يعلمه، لأن صلاته لا تجوز مع النجاسة، ولا يرتفع حدثه بالماء النجس، فإن لم يعلمه فلقد خانه، ولم ينزله منزلة نفسه. وإن رآه يقتدي بإمام غير طاهر فيعلمه، لأن الاحتياط له في ذلك، فإن الصلاة خلفة مختلف فيها، فإن لم يفعل فلم يخنه في قول من غير صلاته إذا لم يعلم حدث أمامه. وقد خانه في قول من لا يخبر صلاته والله أعلم.
فصل
ومما يدخل في هذا الباب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله (لا يبع أحدك على بيع أخيه. ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا يشؤمن أحدكم على شؤم أخيه). وهذا لأن الرجل إذا تقدم واشترى شيئًا ثم جاء غيره فاشتراه من بائعه وقت الخيار آذى بذلك المشتري الأولى وأوحشه. فكما لا يحب أن يعامله أحد بذلك، فكذلك لا ينبغي له أن يعامله به غيره بعد أن يكونا في الحرمة سواء.
وهكذا إذا ساوم فاستقر الأمر بينه وبين البائع على شيء، فجاء آخر فزاد عليه ليكون هو المشتري دون الذي قد تقمه. وهكذا إذا خطب امرأة فأذنت فيه، فأجاب وليها. فجاء آخر خطبها على نفسه فأفسد أمرها على الأول كل ذلك إيذاء وإيحاء شر ومعاملة من الثاني أخاه المسلم بما لا يجب أن يعامله بمثله غيره، وذلك مخالف لشرط الإيمان.