وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النخس وهو خديعة، لأن الإشاعة فيمن لا يراد دفعه أو الشراء به، لا يكون إلا للتلبيس على من يريد الشراء، فهو خداع وليس من أخلاق المؤمنين. وفي ذلك رضى للأخ المسلم بما لا يرضاه أحد لنفسه من الوقوع في الغبن والزيادة على ما يساوي السلعة. فكان داخلًا في الجملة التي سبق ذكرها.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يحتلبن أحدكم ماشية رجل إلا بإذنه، أو يحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينتقل ما فيها، فإنما تخزن ضروع مواشيهم أموالهم). فأعلمهم أن ضرع الماشية إذا كان خزانة للبن الذي فيه، وهو مال لصاحبه، ثم كان أحد لا يحب أن يؤتى خزانته فيكسره ويجهل ما فيها. فكذلك لا ينبغي أن يأتي خزانة أخيه فيأخذ ما فيها ويحمله بغير إذنه وطيبة نفسه. فكيف قد يرضى وحق لأخيه المسلم ما يرضاه لنفسه. وكل هذا يؤكد ما أسس عليه الباب ويدل على صحته: وجملة ما ينبغي أن يحب المرء لأخيه كما يحب لنفسه. ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة، وتبصرك الرجل الرديء البصر صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق صدقة، وإفراغك متاعك من دارك في دار أخيك لك صدقة). وقال صلى الله عليه وسلم:(بينما رجل يمشي في طريق إذ وجد غصن شوك فأخره فشكر الله له فغفر له).
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن أحدكم مرآة أخيه فإن رأى به أي فليمط عنه).
ومما يدخل هذا الباب ترك الاحتكار، فإن المحتكر يحب لنفسه ما لا يحب لغيره ويكره لنفسه ما لا يكره لغيره. وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الجالب مرزوق والمحتكر ملعون). وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يحتكر إلا خاطئ) وعن علي