للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن يرزق العاصي كما يزرق المطيع وهو منهمك في معاصيه، كما يبقي البر التقي وقد يقيه الآفات والبلايا وهو غافل لا يذكره، فضلا عن أن يدعوه، كما يقيها الناسك الذي يسأله وربما شغلته العبادة عن المسألة.

ومنها الكريم: ومعناه النفاع، من قولهم: شاة كريمة، إذا كانت غزيرة اللبن تدر على الحالب، ولا تقلص باخلافها، ولا تحبس لبنها.

ولا شك في كثرة المنافع التي من الله تعالى "بها" على عباده ابتداء منه وتفضلا فهو باسم الكريم أحق من كل كريم.

ومنها الصبور: وذلك مما وردت به الإخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس له في الكتاب ذلك. ومعناه: الذي لا يعاجل بالعقوبة. وهذه صفة ربنا جل ثناؤه لأنه يملي ويمهل وينظر ولا يعجل.

ومنها العفو: ومعناه الواضح عن عباده تبعات خطاياهم وآثارهم، فلا يستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستغفروا، أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا، "فيكفر عنهم ما فعلوا"، بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم، ويجل ذلك كرامة لذي حرمة لهم به، وجزاء له بعمله

ومنها الغافر: وهو الذي يستر على المذنب ولا يؤاخذه به فيشهره ويفضحه.

ومنها الغفار: وهو المبالغ في الستر، في يشهر المذنب لا في الدنيا ولا في الآخرة.

ومنها الغفور: وهو الذي يكثر منه الستر على المذنبين من عباده، ويزيد عفوه على مؤاخذته.

ومنها الرؤوف: ومعناه المتساهل على عباده لأنه لم يحملهم ما لا يطيقون بدرجات كثيرة، ومع ذلك غلظ فرائضه في حال شدة القوة، وخففها في حال الضعف ونقصان القوة، وأخذ المقيم بما لم يأخذ به المسافر، والصحيح بما لم يأخذ به المريض، وهذا كله رأفة ورحمة.

ومنها الصمد: ومعناه المصمود بالحوائج، أي المقصود. وقد يقال ذلك على أنه المستحق لأن يقصد بها، ثم لا يبطل هذا الاستحقاق، ولا تزول هذه الصفة بذهاب من يذهب عن الحق ويضل السبيل، لأنه إذا كان هو الخالق والمدبر لما خلق لا خالق غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>