أن يتحرك فيصير إلى مثل سائر الأجزاء، وفي هذا ما إبان أن المتحرك منها غير متحرك لعينه، ولا غير المتحرك منها غير متحرك لعينه، ولا لان بخلاف الصفة التي هي لواحد منها غير جائز عليه والله أعلم.
وأيضا: فإن دلالة الحدث ليست في الاستحالة في السماء فقط إذا لم يكن لجملة النار أو جملة الهواء أو جملة التراب استحالة مشاهدة، أو لم يكن للسماء استحالة مشاهدة في جزء امتنع عليها القضاء الحدث. فإن استحالة الأجسام التي في الأرض بأصلها جملة غير مشاهدة، وإنما المشاهد استحالة أجزاء بها، لأن الواحد بعد الواحد يموتون، وتصيبهم الآفات، وكذلك الواحد بعد الواحد من الشجر والدواب والطير، وليس في أن الأجسام كلها تشاهد بطلانها وانتقاصها، دليل على أن البطلان والانتقاص غير جائزين على كلهما، بل هما جائزان على الكل لجوازهما على الأبعاض والحكم بالحديث عليها كذلك واجب.
فكذلك استحالة كل الماء والنار والهواء والتراب وان لم يكن مشاهدة. فكذلك لا يدل على أن الاستحالة غير جائزة، لكنها جائزة عليه لجوازها على الابعاض والحكم بالحدث كذلك عليه واجب. واستحالة السماء في الأجزاء والكل وان لم تكن مشاهدة، فقد وجد من نظر الاستحالة ما يدل على الحدث ووجود بعض أمارات الحدث تكفي لإيجاب حكم الحدث. فإن القدم كما لا يقارن جميع دلائل الحدث، فكذلك لا يقارن أحدهما. وقد ذكرنا فيما تقدم أن مجرى السماء واشهاداتها يدلان على حدثها. فإن كانت استحالتها لم توجد ولم تشاهد في كل ولا جزء، فذلك لا يفسد هذا الأصل وبالله التوفيق.
وأيضا فإن اشتمال الفلك على كواكب لها طباع في الحر والبرد والرطوبة واليبس يدل على أن الفلك يضر الأجسام الأرضية المشتملة على هذه المعاني وذلك يدل على أنه محدث مصنوع، لأن هذه المعاني متضادة متنافرة، فلم يكن لتجتمع وتتألف بأنفسها، فإن الناس لو اجتمعوا فاحتالوا ليجمعوا بين نار ماء في مكان واحد، ويدفعوا النار عن أماته الماء والماء عن إطفاء النار، لما قدروا عليه.
فلما كانت هذه المعاني قد اجتمعت في الكواكب، علمنا أن ما سرى فوقها فثبتوها