للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الاجتماع، ودبر الكواكب بالجمع بينهما فيها، ولولا أن ذلك كذلك لم يجتمع مع مضارها ومنافعها في جسم واحد.

ويمكن أن يستدل بهذا المعنى على أن الأفلاك قابلة للاستحالة والتغير والفساد، لأنه إذا اجتمعت فيها كيفيات متفاوتة، فقد ضاهت الأجسام الأرضية، وهي بزعمهم أنها تقبل الفساد لاجتماع الكيفيات المتضادات فيها. فإذا كان هذا المعنى موجودا في الكواكب وجب القضاء عليها بأنها قابلة للفساد وثبت بذل حدثها لان القدر لا يفسد ولا يتغير وبالله التوفيق.

وأيضا فإن من قولهم أن كل ما يكون في هذا العالم فمتأثر من الأفلاك والكواكب في هذا العالم التغير والفساد والاستحالة، فإن كان ذلك كله من آثار الأفلاك والكواكب ففيها إذا مكان الفساد والاستحالة والغير، وإن لم يكن ذلك منها فكيف يتأثر شيء منها في غيرها ما لبس فيها؟ فأخذ القولين خطأ، وبالله التوفيق.

فصل

فإن قال قائل: إن كان دليلكم على حدث الجوهر بغير الأوصاف عليها، فإن هذا المعنى منتقض عليكم بالباري جل ثناؤه فإنه قدير بلا خلاف، ولم يكن موصوفا بالفعل إلى أن فعل واستحق أسم الفاعل، وأفعاله أيضا لم تقع ضربة واحدة، ولكنه فعل وترك.

وكذلك وفي المستقبل يفعل ولا يفعل، وقد قال: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} فهو يريد بعد أن لم يكن مريدا، ويقول: كن، بعد أن لم يكن قائلا، ثم يدع الإرادة ويدع القول. ويعلم المعدوم معدوما، فإذا أوجده علمه موجودا، وكل هذا أحوال شتى وأوصاف مختلفة، ولم يكن في جوارها على الباري عز وجل ما يفسد القول بقدمه. فما أنكرتم أن اختلاف الأحوال على الجواهر لا يقصد القول بقدمها!

<<  <  ج: ص:  >  >>